لا يجمعون إلا على أمر فارقوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عليه. على أنه قد ثبت من حديث ابن عمر عند البيهقي أنه بعد أن ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرم وعند الركوع وعند الاعتدال فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى اهـ وعلى تقدير أنه صلى الله عليه وآله وسلم تركه فهو لبيان الجواز لا لأنه الراجح. وروى ابن وهب وأشهب وأبو مصعب وغيرهم أن مالكا كان يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع منه. وقال ابن عبد الحكم لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع فيهما إلا ابن القاسم. والذى نأخذ به الرفع لحديث ابن عمر وهو الذى رواه ابن وهب وغيره عن مالك ولم يحك الترمذى عن مالك غيره اهـ ونقل الخطابي وتبعه القرطبى أن الرفع فيهما آخر قولى مالك وأصحهما. وحديث ابن عمر الذى أشار إليه ابن عبد الحكم هو ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد وكان لا يفعل ذلك في السجود (إذا علمت) هذا علمت أن الثابت عن مالك رفع اليدين عند الركوع والرفع منه (قال البخارى) في جزء رفع اليدين روى الرفع تسع عشرة نفسا من الصحابة. وذكر البيهقي أسماءهم نحوا من ثلاثين صحابيا وقال سمعت الحاكم يقول اتفق على رواية هذه السنة العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أكابر الصحابة "ثم قال" ولا نعلم سنة اتفق على روايتها العشرة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في الأقطار الشاسعة غير هذه السنة اهـ وروى ابن عساكر في تاريخه من طريق أبي سلمة عن الأعرج قال أدركت الناس كلهم يرفعون أيديهم عند كل خفض ورفع اهـ (وهذه السنة) يشترك فيها الرجال والنساء ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما فيها وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بينهما في مقدار الرفع خلافا لبعض الحنفية أن الرجل يرفع يديه إلى الأذنين والمرأة إلى المنكبين لأنه أستر لها. وكذا لا فرق في ذلك بين إمام ومأموم ومنفرد ولا بين الفريضة والنافلة
(قوله وقال سفيان مرّة الخ) أى قال في روايته مرّة وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه وأكثر ما كان يقول سفيان في روايته هو قوله وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه
(قوله ولا يرفع بين السجدتين) أى لا يرفع يديه إذا رفع رأسه من السجدة الأولى. وفي رواية البخارى ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود (وفي هذا دلالة) على عدم مشروعية رفع اليدين بين السجدتين وهو مذهب الجمهور
(فقه الحديث) دلّ الحديث على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعلى مشروعية رفعهما عند الركوع والرفع منه، وعلى عدم مشروعية رفعهما بين السجدتين (فائدة) إذا لم يمكن المصلى رفع يديه أو أمكنه رفع إحداهما أو أمكنه رفعهما إلى دون