وفي إثباتها بالفعل أحاديث كثيرة عند المصنف وغيره (منها) رواية سحنون عن ابن وهب المتقدمة في كلام المدونة وإثباتها بالتقرير أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلحه لبعض القوم بنفسه كما في حديث ابن مسعود (وما تقدم) عند أحمد والدارقطني عن جابر. فالأحاديث كلها مثبتة لهذه السنة وليس عند من نفاها شيء من الأدلة يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سدل يديه أو أمر به. ومن خاض علوم السنة وأمهات الفقه ودواوين مسائل الخلاف عرف أنه لا قائل أصلا بالسدل وسنيته من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية. وأيضا لم يرو القول به اجتهادا عن صحابي قط إلا رواية ضعيفة عن ابن الزبير ورواية القبض عنه أصح كما تقدم (وقد أخذ مالك) عن تسعمائة شيخ ثلاثمائة من التابعين وستمائة من تابعى التابعين وليس فيهم من تؤخذ عنه رواية في السدل والذين أخذوا العلم عن مالك ثلاثمائة وألف ليس فيهم من روى عنه السدل إلا ابن القاسم. وممن روى عنه القبض أشهب وسحنون وابن نافع ومطرّف وابن الماجشون وابن وهب وابن عبد الحكم وابن حبيب وابن عبد البر وكثيرون. وروايتهم متأخرة عن رواية ابن القاسم فإن ابن القاسم فارق مالكا في حياته وتوطن مصر كما يدل عليه قول سحنون متأسفا على عدم لقاء مالك أنا عند ابن القاسم بمصر وكتب مالك تأتيه. وسحنون وصل إلى ابن القاسم بمصر قريبا من وفاة مالك لأن وصوله كان في سنة ثمان وسبعين ومائة ووفاة مالك في ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة والمدنيون أصحاب مالك الذين رووا عنه هذه السنة حاضرون وفاته بالمدينة. ولا سيما مطرّف ابن أخت الإمام وابن الماجشون وابن نافع الذى صار مفتيا للمدينة بعد مالك وقد صحبه أربعين سنة وقيل له لمن هذا الأمر بعدك قال لابن نافع. والعمل على ما رواه أهل بلده الملازمون له إلى وفاته رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (وفي تبصرة) ابن فرحون إذا كانت المسألة ذات اقوال أو روايات فالفتوى والحكم بقول مالك المرجوع إليه (وقال ابن عبد البر) لم يزل مالك يقبض حتى لقى الله عز وجل اهـ والقاعدة أن المجتهد إذا نقل عنه قولان متعارضان فالعمل على قوله الأخير منهما. وعلى تقدير عدم تأخره فقد روى القبض جمع كثير ولم يرو عدمه إلا ابن القاسم فترجح روايات الأكثر على الأقل "ولا سيما" وأن الأقل واحد. وقد نص فحول المذهب من المالكية على استحباب قبض اليدين (قال) العلامة البناني عند قول خليل في مختصره وشارحه الزرقاني وندب لكل مصلّ ولو نفلا سدل يديه أى إرسالهما لجنبه ويكره القبض في الفرض وفي القبض أقوال أخر غير الكراهة (أحدها) الاستحباب في الفرض والنفل وهو قول مالك في رواية مطرّف وابن الماجشون عنه في الواضحة وقول المدنيين من أصحابنا واختاره غير واحد من المحققين فهم اللخمى وابن عبد البر وأبو بكر بن العربى وابن رشد وابن عبد السلام وعدّه ابن رشد في مقدماته في فضائل الصلاة