وسميت القيامة ساعة لسرعة قيامها. وقوله من حين بفتح النون مبنيًا لإضافته إلى الجملة ويجوز إعرابه إلا أن الرواية بالفتح
(قوله إلا الجن والإنس) فإنهم لا يترقبون انتظار الساعة ولا يخافون قيامها في هذا اليوم لكثرة غفلتهم لا لأنهم لا يعلمون ذلك. وروى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لا تطلع الشمس ولا تغرب على أفضل من يوم الجمعة وما من دابة إلا وهي تفزع يوم الجمعة إلا هذين الثقلين الجن والإنس. وأخفاها الله عَزَّ وَجَلَّ عن الثقلين لتحقق إيمانهم بالغيب
(قوله وفيها ساعة) أي في الجمعة أو في ساعاتها. وفي نسخة وفيه بالتذكير أي في يوم الجمعة
(قوله لا يصادفها عبد مسلم الخ) أي لا يوافقها عبد مسلم في حال صلاته حقيقة أو حكمًا بانتظاره الصلاة وقوله يسأل الله الخ أي يطلب منه تعالى أي حاجة دنيوية كانت أو أخروية في أي حال إلا أعطاه الله إياها بالشروط المعتبرة في آداب الدعاء كأن يدعوه تعالى وهو موقن بالإجابة
(قوله قال كعب ذلك في كل سنة يوم) يعني تلك الساعة التي يجاب فيها الدعاء يوم الجمعة تكون في يوم واحد من كل سنة. و (كعب) هو ابن ماتع بالمثناة الفوقية المكسورة أبو إسحاق المعروف بكعب الأحبار أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو في الجاهلية وأسلم في خلافة أبي بكر أو عمر وهو الصحيح وأخرج ابن سعد بسند حسن عن سعيد بن المسيب قال قال العباس لكعب ما منعك أن تسلم في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبي بكر قال إن أبي كتب لي كتابًا من التوراة فقال اعمل بهذا وختم على سائر كتبه وأخذ عليّ بحق الوالد على الولد أن لا أفض الختم عنها فلما رأيت ظهور الإِسلام قلت لعل أبي غيب عني علمًا ففتحتها فإذا صفة محمَّد وأمته فجئت الآن مسلمًا. ولعل الكتاب الذي كتبه أبوه له من التوراة كان فيه الحث على التمسك بدين اليهود والتنفير من الإيمان بالنبي محمَّد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بدعوى أن التوراة تأمر بذلك. وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق أسامة بن زيد عن أبي معن قال لقي عبد الله ابن سلام كعبًا عند عمر فقال يا كعب من العلماء قال الذين يعملون بالعلم قال فماذا يذهب العلم من قلوب العلماء قال الطمع وشره النفس وتطلب الحاجات إلى الناس قال صدقت. روى عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مرسلًا وعن عمر وعائشة وصيهب. وعنه من الصحابة ابن عمر وابن عباس وأبوهريرة وابن الزبير ومعاوية ومن التابعين أبو رافع الصائغ وسعيد بن المسيب ومالك بن عامر وعبد الله بن رباح وآخرون. توفي سنة اثنتين أو أربع وثلاثين
(قوله فقلت بل في كل جمعة الخ) أي قال أبوهريرة إن ذلك اليوم المشتمل على ساعة الإجابة موجود في كل أسبوع فقرأ كعب التوراة لينظر هذه الساعة فوجدها كما أخبر النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال صدق رسول الله صلى الله تعالى