للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمعة وأضحى وفطر وذلك أنهم جماعة. لكن لا ينتهض للاستدلال به لضعفه لأنه من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن وفيه مقال قال أحمد أضرب على أحاديثه بأنها كداب أو موضوعة وقال النسائي ليس بثقة وقال الدارقطني منكر الحديث وكان ابن حبان لا يجوّز الاحتجاج به وقال البيهقي هذا الحديث لا يحتج بمثله "وما استدلّ به البيهقي" على اعتبار الأربعين من حديث ابن مسعود قال جمعنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وكنت آخر من أتاه ونحن أربعون رجلًا فقال إنكم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم "لا يدلّ على دعواه" وهي اشتراط الأربعين في الجمعة لأن الواقعة قصد فيها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن يجمع أصحابه ليبشرهم فاتفق أن اجتمع له منهم هذا العدد (قال السيوطي) إيراد البيهقي لهذا الحديث أقوى دليل على أنه لم يجد من الأحاديث ما يدلّ للمسألة صريحًا اهـ

واستدلوا أيضًا بما يأتي للمصنف في الباب الآتي بعد عن عبد الرحمن بن كعب وفيه أن أسعد بن زرارة صلى بهم الجمعة وكانوا يومئذ أربعين. لكن الحديث لا دلالة فيه على اشتراط الأربعين لأن هذه واقعة عين لأن الجمعة فرضت عليه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو بمكة قبل الهجرة فلم يتمكن من إقامتها هنالك من المشركين فلما هاجر بعض أصاحبه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمعوا فجمعوا واتفق أن عدّتهم كانت أربعين وليس في الحديث ما يدلّ على أن أقل من الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة (وقد) تقرّر عند الأصوليين أن وقائع الأعيان لا يحتج بها على العموم

(وقال) عمر بن عبد العزيز تنعقد بخمسين وهي رواية لأحمد واستدلّ بما رواه الدارقطني والطبراني عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال على الخمسين جمعة ليس فيما دون ذلك اهـ

وهو ضعيف لأن جعفرًا متروك أحاديث كما قاله الدارقطني وعلى تقدير صحته فهو محتمل للتأويل لأن ظاهره أن هذا العدد شرط للوجوب لا شرط للصحة ولا يلزم من عدم وجوبها على ما دون الخمسين عدم صحتها منهم

(وقال) عكرمة تنعقد بسبعة وحكي عن ربيعة أيضًا (وقال ابن حزم) تنعقد بواحد مع الإِمام وقيل لا تنعقد إلا بثمانين حكى هذا عن المازري

(قال في النيل) لا مستند لاشتراط ثمانين أو تسعة أوسبعة كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد. وأما من قال إنها تصح باثنين فاستدلّ بأن العدد واجب بالحديث والإجماع ورأى أنه لم يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص.

وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين ولا فرق بينها وبين الجماعة في بقية الصلوات ولم يأت نص من الشارع صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا. وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليها فقال الاثنان فما فوقهما جماعة كما تقدم في أبواب الجماعة.

وقد انعقدت سائر الصلوات بهما بالإجماع. والجمعة صلاة فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها وقد قال

<<  <  ج: ص:  >  >>