للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الحق إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث وكذلك قال السيوطي لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص اهـ

(وقال) في الدرر البهية وشرحها الروضة الندية الجمعة كسائر الصلوات لا تخالفها لكونه لم يأت ما يدل عل أنها تخالفها في غير ذلك، وفي هذا الكلام إشارة إلى ردّ ما قيل إنه يشترط في جوبها الإِمام الأعظم والمصر الجامع والعدد الخصوص فإن هذه الشروط لم يدل عليها دليل يفيد استحبابها فضلا عن وجوبها فضلا عن كونها شروطًا بل إذًا صلى رجلان الجمعة في مكان لم يكن فيه غيرهما جماعة فقد فعلًا ما يجب عليهما فإن خطب أحدهما فقد عملًا بالسنة وإن تركا الخطبة فهي سنة فقط ولولا ما في حديث طارق بن شهاب "أي المذكور في الباب" من تقييد الوجوب على كل مسلم بكونه في جماعة ومن عدم إقامته لها صلى الله عليه وعلى آله وسلم في زمنه في غير جماعة لكان فعلها فرادي مجزئًا كغيرها من الصلوات

(ومن تأمل) فيما وقع في هذه العبادة الفاضلة التي افترضها الله تعالى عليهم في الأسبوع وجعلها شعارًا من شعائر الإِسلام وهي صلاة الجمعة من الأقوال الساقطة قضى من ذلك العجب فقائل يقول الخطبة كركعتين وإن من فاتته لم تصح جمعته وكأنه لم يبلغه ما ورد عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من طرق متعددة يقوي بعضها بعضًا ويشدّ بعضها عضد بعض أن من فاتته ركعة من ركعتي الجمعة فليضف إليها أخري وقد تمت صلاته. ولا بلغه غير هذا الحديث من الأدلة وقائل يقول لا تنعقد الجمعة إلا بثلاثة مع الإِمام وقائل يقول بأربعة وقائل يقول بسبعة وقائل يقول بتسعة وقائل يقول باثني عشر وقائل يقول بعشرين وقائل يقول بثلاثين وقائل يقول لا تنعقد إلا بأربعين وقائل يقول بخمسين وقائل يقول لا تنعقد إلا بسبعين وقائل يقول لا تنعقد إلا فيما بين ذلك وقائل يقول بجمع كثير من غير تقييد وقائل يقول إن الجمعة لا تصح إلا في مصر جامع وحدّه بعضهم بأن يكون الساكنون فيه كذا وكذا من آلاف وآخر قال أن يكون فيه جامع وحمام وآخر قال أن يكون فيه هذا وهذا وآخر قال إنها لا تجب إلا مع الإِمام الأعظم فإن لم يوجد أو كان مختل العدالة بوجه من الوجوه لم تجب الجمعة ولم تشرع ونحو هذه الأقوال التي ليس عليها أثارة من علم ولا يوجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حرف واحد يدل على ما ادعوه من كون هذه الأمور المذكورة شروطًا لصحة الجمعة أو فرضًا من فرائضها أو ركنا من أركانها فيالله العجب مما يفعل الرأي بأهله ومن الأقوال التي هي عن الشريعة المطهرة بمعزل. يعرف هذا كل عارف بالكتاب والسنة وكل متصف بصفة الإنصاف وكل من ثبت قدمه ولم يتزلزل عن طريق الحق بالقيل والقال ومن جاء بالغلط فغلطه ردّ عليه مضروب به في

<<  <  ج: ص:  >  >>