وكان قد ألقى إلى على رضي الله تعالى عنه نعله يخصفها. أفلا ترى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم ينه عليا رضي الله تعالى عنه عن خصف النعل في المسجد وإن الناس لو اجتمعوا حتى يعمّ المسجد بخصف النعال كان ذاك مكروهًا فلما كان ما لا يعم المسجد من هذا غير مكروه وما يعمه منه أو يغلب عليه مكروهًا كان ذلك في البيع وإنشاد الشعرو التحلق فيه قبل الصلاة ما عمه من ذلك فهو مكروه وما لم يعمه منه ولم يغلب عليه فليس بمكروه اهـ ولا دليل على ما ذكروه من التفرقة. وما ذكره الطحاوي من خصف نعل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المسجد لا يدلّ على مدّعاهم كما لا يخفى (قال القارئ) ومن البدع الشنيعة بيع ثياب الكعبة خلف المقام وبيع الكتب وغيرها في المسجد الحرام وأشنع منه وضع المحفات والقرب والدبش فيه سيما في أيام الموسم ووقت أزدحام الناس والله ولي أمر دينه ولا حول ولا قوة إلا به اهـ "والمحفة بكسر الميم وفتح المهملة مركب من مراكب النساء كالهودج"(وقالت الشافعية) يكره البيع والشراء في المسجد لغير المعتكف مطلقًا أما المعتكف فيكره له في غير ما لا بدّ له منه (وذهبت) المالكية إلى كراهتهما في المسجد إذا كانا بغير سمسرة. أما إذا كانا بسمسرة أي مناداة على السلعة فحرام لجعل المسجد سوقًا (وهذه) التفاصيل كلها لا دليل عليها (والراجح) ما قالته الحنابلة ولا قرينة تصرف النهي عن التحريم. ويؤيده ما رواه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولا لا أربح الله تجارتك وما رواه أيضًا عن واثلة بن الأسقع أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم الخ (والأصل) في الأمر الوجوب فلو باع شخص في المسجد أثم وصح بيعه قال العراقي أجمع العلماء على أن ما عقده من البيع والشراء في المسجد لا يجوز نقضه اهـ
(قوله وأن تنشد فيه ضالة) أي ونهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن أن ينادى على ضائعة في المسجد. وتقدم بيانه وافيًا في الجزء الرابع في باب كراهية إنشاد الضالة في المسجد
(قوله وأن ينشد فيه شعر) فيه دلالة على عدم جواز إنشاد الشعر في المسجد وهو محمول على ما فيه التفاخر ومدح من لا يصح مدحه وذم من لا يصح ذمه فلا ينافي ما رواه الشيخان عن سعيد ابن المسيب قال مرّ عمر في المسجد وحسان فيه ينشد فلحظ إليه فقال كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة فقال أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول أجب عني اللهم أيده بروح القدس قال نعم (والمراد) بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم "ولا ينافي أيضًا" ما رواه الترمذي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ينصب لحسان منبرًا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار. وما رواه أحمد عن جابر قال شهدت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله