وسلم أكثر من مائة مرّة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية فربما تبسم معهم "فإن هذه" الأحاديث تفيد جواز الشعر في المسجد لاشتماله على هجاء المشركين ومدحه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والحث على الزهد ومكارم الأخلاق (قال ابن العربي) لا بأس بإنشاء الشعر في المسجد إذا كان في مدح الدين وإقامة الشرع اهـ (وقال النووي) لا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان مدحًا للنبوة أو الإِسلام أو كان حكمة أو مكارم الأخلاق أو الزهد ونحو ذلك من أنواع الخير وأما ما فيه شيء مذموم كهجو مسلم أو صفة الخمر أو ذكر النساء أو المراد أو مدح ظالم أو افتخار منهي عنه أو غير ذلك فحرام اهـ وروى أو يعلي عن عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن الشعر فقال هو كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح قال العراقي إسناده حسن ووصله جماعة (وعلى الجمع) بين الأحاديث جري الأكثرون
(وحكى) ابن التين عن أبي عبد الله البوني أن أحاديث النهي ناسخة لأحاديث الإذن ولم يوافق على ذلك لما تقرّر من أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب وقد أمكن هنا. ومحل النهي عن الشعر في المسجد ما لم يشوّش على مصل أو قارئ أو ذاكر وإلا منع
(قوله ونهي عن التحلق الخ) أي ونهي عن الجلوس على هيئة الحلقة قبل الصلاة يوم الجمعة لما يترتب عليه من قطع الصفوف مع كون الناس مأمورين بالتبكير يوم الجمعة والتراص في الصفوف الأول فالأول (وحمل الجمهور) النهي في الحديث على الكراهة. والتحلق المنهي عنه أعم من أن يكون للعلم أوللمذاكرة أوللمشاورة والتقييد بقبل الصلاة يدل على أن التحلق بعدها غير منهي عنه وبيوم الجمعة يدل على جواز التحلق في غيره مطلقًا كما يشعر ذلك ما رواه مسلم والبيهقي عن أبي واقد الليثي قال بينما رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قاعد في أصحابه إذا جاء ثلاثة نفر فأما رجل فوجد فرجة في الحلقة فجلس وأما رجل فجلس أظنه قال خلف الحلقة وأما رجل فانطلق فقال رسول صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ألا أخبركم عن هؤلاء النفر أما الرجل الذي جلس في الحلقة فرجل آوي فآواه الله وأما الرجل الذي جلس خلف الحلقة فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الرجل الذي انطلق فرجل أعرض فأعرض الله عنه اهـ (أما التحلق) في المسجد لأمر من أمور الدنيا فغير جائز لأن المساجد إنما بنيت للعبادة ولما في حديث ابن مسعود سيكون في آخر الزمان قوم يجلسون في المساجد حلقًا حلقًا أمانيهم الدنيا فلا تجالسوهم فإنه ليس لله فيهم حاجة ذكره العراقي في شرح الترمذي وقال إسناده ضعيف فيه بزيع أبو الخليل وهو ضعيف جدًا اهـ وقال في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الكبير
(والحديث) أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وليس فيه إنشاد الضالة ورواه البيهقي وكذا ابن ماجه في "باب الجمعة" مقتصرين فيه على النهي عن التعليق ورواه ابن ماجه أيضًا في "باب ما يكره في المساجد" مقتصرًا فيه على النهي عن البيع والشراء وتناشد الأشعار