للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وقبل العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين "وهذا لا حجة فيه" ولم يرد به البخاري إثبات السنة قبل الجمعة وإنما مراده أنه هل ورد في الصلاة قبلها أو بعدها شيء ثم ذكر هذا الحديث أي أنه لم يرو عنه فعل السنة إلا بعدها ولم يرد قبلها شيء

(وقد ظن) بعضهم أن الجمعة لما كانت بدلًا عن الظهر وقد ذكر في الحديث السنة قبل الظهر وبعدها دل على أن الجمعة كذلك وإنما قال وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف بيانًا لموضع صلاة السنة بعد الجمعة فإنه بعد الانصراف وهذا الظن غلط منه لأن البخاري قد ذكر في باب التطوع بعد المكتوبة حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعد الظهر وسجدتين بعد المغرب وسجدتين بعد العشاء وسجدتين بعد الجمعة فهذا صريح في أن الجمعة عند الصحابة صلاة مستقلة بنفسها غير الظهر وإلا لم يحتج إلى ذكرها لدخولها تحت اسم الظهر فلما لم يذكر لها سنة إلا بعدها علم أنها لا سنة لها قبلها

(ومنهم) من احتج بما رواه ابن ماجه في سننه عن أبي هريرة وجابر قال جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب فقال له أصليت ركعتين قبل أن تجئ قال لا قال فصلّ ركعتين وتجوّز فيهما وإسناده ثقات

(قال) أبو البركات تقي الدين وقوله قبل أن تجيء يدلّ على أن هاتين الركعتين سنة الجمعة وليست تحية المسجد

(قال) شيخنا حفيده أبو العباس وهذا غلط والحديث المعروف في الصحيحين عن جابر قال دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يخطب فقال أصليت قال لا قال فصلّ ركعتين وقال إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما فهذا هو المحفوظ في هذا الحديث. وأفراد ابن ماجه في الغالب غير صحيحة هذا معنى كلامه

(وقال) شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزّي هذا تصحيف من الرواة وإنما هو أصليت قبل أن تجلس فغلط فيه الناسخ "يعني فقال قبل أن تجيء بدل قبل أن تجلس" قال وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخاري ومسلم فإن الحفاظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما قال ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف "قلت" ويدلّ على صحة هذا أن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها وصنفوا في ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرها لم يذكر واحد منهم هذا الحديث في سنة الجمعة قبلها وإنما ذكروه في استحباب فعل تحية المسجد والإمام على المنبر واحتجوا به على منع من فعلها في هذه الحال فلو كانت هي سنة لكان ذكرها هناك والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد ويدل عليه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يأمر بهاتين الركعتين إلا الداخل لأجل أنها تحية المسجد ولو كانت سنة الجمعة لأمر القاعدين أيضًا ولم يخص بها الداخل وحده

(ومنهم) من احتج بما رواه أبو داود

<<  <  ج: ص:  >  >>