للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء من ذلك دل على أنه غير مشروع (قال الإِمام) أبو شامة الشافعي شيخ النووي في كتابه الباعث على إنكار البدع والحوادث جرت عادة الناس أنهم يصلون بين الأذانين يوم الجمعة متنفلين بركعتين أو أربع ونحو ذلك إلى خروج الإِمام وذلك جائز ومباح وليس بمنكر من جهة كونه صلاة وإنما المنكر اعتقاد العامة منهم ومعظم المتفقهة منهم أن ذلك سنة للجمعة قبلها كما يصلون السنة قبل الظهر ويصرّحون في نيتهم بأنها سنة الجمعة وكل ذلك بمعزل عن التحقيق والجمعة لا سنة لها قبلها وهي صلاة مستقلة بنفسها حتى قال بعض الناس هي الصلاة الوسطى وهو الذي يترجح في ظني لما خصها الله تعالى به من الشرائط والشعائر

(والدليل) على أنه لا سنة لها قبلها أن المراد من قولنا الصلاة المسنونة إنها منقولة عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قولًا وفعلًا والصلاة قبل الجمعة لم يأت منها شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يدل على أنه سنة ولا يجوز القياس في شرعية الصلوات اهـ ملخصًا وقد أطال الكلام رحمه الله في ذلك فراجعه إن شئت

(وقال في الهدى) النبوى كان إذا فرغ بلال من الأذان أخذ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الخطبة ولم يقم أحد يركع ركعتين ألبتة ولم يكن الأذان إلا واحدًا وهذا يدل على أن الجمعة كالعيد لا سنة لها قبلها وهذا أصح قولي العلماء وعليه تدل السنة فإن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يخرج من بيته فإذا رقي المنبر أخذ بلال في أذان الجمعة فإذا أكمله أخذ النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الخطبة من غير فصل وهذا كان رأى عين فمتى كانوا يصلون السنة. ومن ظن أنهم كانوا إذا فرغ بلال من الأذان قاموا كلهم فركعوا ركعتين فهو أجهل الناس بالسنة. وهذا الذي ذكرناه من أنه لا سنة قبلها هو مذهب مالك رحمه الله وأحمد رحمه الله تعالى في المشهور عنه واحد الوجهين لأصحاب الشافعي. والذين قالوا إن لها سنة منهم من احتج أنها ظهر مقصورة فيثبت لها أحكام الظهر وهذه حجة ضعيفة جدًا فإن الجمعة صلاة مستقلة بنفسها تخالف الظهر في الجهر والعدد والخطبة والشروط المعتبرة لها وتوافقها في الوقت. وليس إلحاق مسألة النزاع بمورد الاتفاق أولى من إلحاقها بموارد الافتراق بل إلحاقها بموارد الافتراق أولى لأنها أكثرها مما اتفقا فيه

(ومنهم) من أثبت السنة لها هنا بالقياس على الظهر وهو أيضًا قياس فاسد فإن السنة ما كانت ثابتة عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من قول أو فعل أوسنة خلفائه الراشدين وليس في مسألتنا شيء من ذلك ولا يجوز إثبات السنن في مثل هذا بالقياس لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإذا لم يفعله ولم يشرعه كان تركه هو السنة

(ومنهم) من احتج بما ذكره البخاري في صحيحه فقال "باب الصلاة قبل الجمعة وبعدها" حدثنا عبد الله بن يوسف أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>