تقدّم، نعم هنا معنى آخر يدّعيه كثير من الفقهاء وهو أن الحدث وصف حكمى مقدّر قيامه بالأعضاء على مقتضى الوصف الحسى وينزلون الوصف الحكمى منزلة الحسي في قيامه بالأعضاء فمن يقول إن التيمم لا يرفع الحدث يقول إن المعنى المقدّر القائم بالأعضاء حكما باق لم يزل والمنع المترتب عليه زائل أفاده ابن دقيق العيد. ثم قال ردّا على ما ادّعاه بعض الفقهاء هم مطالبون بدليل شرعي يدل على إثبات هذا المعنى الذي ادّعوه مقدرا قائما بالأعضاء فإنه منفى بالحقيقة والأصل موافقة الشرع لها ويبعد أن يأتوا بدليل على ذلك اهـ
(قوله حتى يتوضأ) أى يتطهر بماء أو ما يقوم مقامه كالتراب عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله، وإنما اقتصر على الوضوء لكونه الأصل أو لكونه الغالب أو لأن الوضوء يطلق على التيمم. فعن أبي ذرّ الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين رواه النسائي بإسناد جيد، وهنا قيد آخر ترك للعلم به، وحتى هنا لانتهاء الغاية والمعنى عدم قبول الصلاة مستمر إلى أن يتطهر مع باقى الشروط فتقبل حينئذ.
(فقه الحديث) دلّ الحديث على عدم صحة الصلاة بالحدث سواء أكان خروجه اختياريا أم اضطراريا لعدم التفرقة في الحديث بين الحدث الاختيارى وغيره، وعلى أن الطهارة شرط في صحة الصلاة، وعلى أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأن القبول انتفى لغاية الوضوء مطلقا ما دام متوضئا، وليس في الحديث ردّ على الحنفية القائلين إن من سبقه الحدث وهو في الصلاة يتوضأ ويبني على ما فعل منها خلافا لمن زعم ذلك لأن من سبقه الحدث إذا توضأ وبنى على صلاته يصدق عليه أنه صلى بالوضوء وإن كان القياس يقتضى بطلان صلاته، لكنه خولف لما روى عن ابن أبي مليكة عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذى فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم رواه ابن ماجه، وفي رواية الدارقطني ثم ليبن على صلاته ما لم يتكلم، وسيأتي تمام الكلام على هذه المسألة في باب الشك في الحدث إن شاء الله تعالى.
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه البخارى ومسلم والترمذى وقال هذا حديث غريب حسن صحيح