لمن ذكر من أهل تلك الجهات ولمن أتى عليها من غير أهلها. سواء فى ذلك من كان له ميقات معين أم لا. أما من ليس له ميقات معين فأى ميقات يمر عليه فهو ميقاته، ويلزمه الإحرام منه. وأمّا من له ميقات معين وفى طريقه ميقات قبل ميقاته كالشامي يحج من المدينة فمر بذى الحليفة. فعند الشافعى وأحمد وإسحاق يجب أن يحرم من ذى الحليفة وهو قول لأبي حنيفة. وعند مالك يندب له الإحرام من ذى الحليفة وهو مشهور مذهب الحنفية. ويلزمه الإحرام من الجحفة إن لم يحرم من ذى الحليفة. قال فى البدائع من جاوز ميقاتا من هذه المواقيت من غير إحرام إلى ميقات آخر جاز إلا أن المستحب أن يحرم من الميقات الأول. روى عن أبى حنيفة أنه قال فى غير أهل المدينة إذا مروا على المدينة فجاوزوها إلى الجحفة فلا بأس بذلك، وأحب إلىّ أن يحرموا من ذى الحليفة اهـ وقالت الحنفية أيضا: يجوز للمدنى أن يجاوز ذا الحليفة بلا إحرام، فإذا فعل ذلك وأحرم من الجحفة أو عند محاذاتها فلا شيء عليه. ومن سلك طريقا بين ميقاتين برا أو بحرا فعند الحنفية يجتهد ويحرم إذا حاذى ميقاتا منهما. والأبعد من مكة أولى بالإحرام منه وهو ظاهر مذهب المالكية. وعند أحمد يتعين الإحرام من أبعدهما. وهو الأصح عند الشافعية
(قوله ممن كان يريد الحج والعمرة) ظاهره أن الإحرام من هذه المواقيت إنما على من مر بها قاصدا حجا أو عمرة دون من لم يرد شيئا منهما، فلو أن مدنيا مر بذى الحليفة لا وهو لا يريد حجا ولا عمرة فسار حتى قرب من الحرم ثم أراد حجا أو عمرة فإنه يحرم حينئذ ولا يجب عليه دم. وهو مروى عن ابن عمر وابن عباس والأخير من قولى الشافعى. وذهب الأوزاعى وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق والجمهور إلى أن عليه دما إن لم يرجع إلى الميقات، لأنه لا يجوز لمريد مكة مجاوزة الميقات بغير عذر بلا إحرام من غير فرق بين من أراد مكة لأحد النسكين أو لغيرهما. ومن فعل أثم ولزمه دم، لحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال: لا يجاوز الوقت الا يإحرام. رواه ابن أبى شيبة والطبراني فى معجمه. وعن أبى الشعثاء جابر بن زيد أنه رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم. رواه الشافعى والبيهقى فى المعرفة وابن أبى شيبة. وعن عطاء عن ابن عباس قال إذا جاوز الوقت فلم يحرم حتى دخل مكة رجع إلى الوقت فأحرم، فإن خشى إن رجع الى الوقت فوت الحج، فإنه يحرم ويهرق لذلك دما. رواه إسحاق بن راهويه فى مسنده. فهذه المنطوقات أولى من المفهوم المخالف فى قوله "من أراد الحج والعمرة" إن ثبت أنه من كلامه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دون كلام الراوى "وأما حديث جابر" أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دخل يوم الفتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام. رواه مسلم والنسائى "فيجاب عنه" بأنه كان لعذر الحرب وهو مختص بتلك الساعة بدليل قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فى ذلك اليوم: مكة حرام لم تحل لأحد قبلى ولا لأحد بعدى، إنما حلت لى ساعة من نهار ثم عادت