للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حراما. وهذا فى حق من كان خارج الميقات. أما من كان فيه أو داخله فيحل له دخول مكة لحاجة غير محرم لكثرة دخوله. وفى إلزامه بالإحرام كلما دخل حرج وهو مدفوع بقوله تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (قال العيني) على البخاري: من أراد دخول مكة لقتال مباح أو لخوف أو لحاجة متكررة كالحشاش والحطاب وناقل الميرة ومن كانت له ضيعة يتكرر دخوله وخروجه إليها. فهؤلاء لا إحرام عليهم، لأن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم دخل يوم فتح مكة حلالا وعلى رأسه المغفر، وكذلك أصحابه. ولو وجب الإحرام على من يكرر دخولها لأفضى إلى أن يكون جميع زمنه محرما. وبهذا قال الشافعى وأحمد. وكذا من جاوز الميقات مريدا حاجة فى غير مكة فهذا لا يلزمه الإحرام بلا خلاف، ومتى بدا له الإحرام يحرم من موضعه ولا شيء عليه. وبه يقول مالك والثوري والشافعى وصاحبا أبي حنيفة. وعن أحمد وإسحاق أنه يلزمه الرجوع من الميقات والإحرام منه اهـ بتصرف

(قوله ومن كان دون ذلك) أى من كان دون هذه المواقيت بأن كان مسكنه بين مكة. وأحد هذه المواقيت، فإحرامه من بلده. والأفضل أن يحرم من الطرف الأبعد منها إلى مكة. وهكذا الحال فى المواقيت. وكذا إذا كان ساكنا فى خيام يستحب أن يحرم من الطرف الأبعد بالنسبة إلى مكة. وكذا إذا كان ساكنا فى واد يقطع طرفيه محرما. فإن تعدى هذه الأمكنة حلالا ثم أحرم وجب عليه الرجوع وإلا أثم وعليه دم. فإن كان ساكنا فى برية منفردا بين الميقات ومكة فإحرامه من مسكنه

(قوله من حيث أنشأ قال وكذلك الخ) أي قال ابن طاوس: يحرم من حيث ابتدأ سفره وكذا كل من كان داخل الميقات ودخل الحرم يفعل ذلك حتى أهل مكة يحرمون منها. وهذا لفظ ابن طاوس ولفظ عمرو بن دينار كما فى رواية للبخاري "فمن كان دونهن فمهله من أهله، وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها" وأهل بالرفع مبتدأ خبره يهلون. وفى الدارقطني فمن كان دونهن قال عمرو: من أهله. وقال ابن طاوس: وحيث أنشأ اهـ ومنه يتبين موضع الخلاف فى لفظهما (وهذا) صريح فى أن من كان ساكنا مكة فإحرامه منها. وهو محمول على من أراد الإحرام بالحج فقط أو بالحج مع العمرة. أمّا من أراد الإحرام بالعمرة فقط، فلا بد أن يخرج إلى الحل ويحرم منه ليجمع فى إحرامه بين الحل والحرم كما سيأتى فى باب العمرة (الفقه) دل الحديث على أنه لا يجوز لمريد الحج أو العمرة مجاوزة الميقات بلا إحرام وهو متفق عليه. وأجمعوا على أنه لو أحرم قبل الميقات أجزأه. قال الخطابي: وفى حديث بيان أن المدني إذا جاء من الشام على طريق الجحفة، فإنه يحرم من الجحفة ويصير كأنه شامى. وإذا أتى اليمن على ذى الحليفة أحرم منه وصار كأنه مدنى. وفيه أن من كان منزله وراء هذه المواقيت مما يلى مكة، فإنه يحرم من منزله. وفيه أن ميقات أهل مكة فى الحج خاصة مكة. والمستحب للمكى أن يحرم قبل أن يخرج إلى الصحراء. فأما إذا أراد العمرة فإنه يخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>