الحائض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما، وإنما هو لفضيلة المكان والوقت. وفية دليل على أن المحدث إذا حرم جاز إحرامة اهـ (هذا) والغسل للإحرام مأمور به إجماعا. والجمهور على أنه مستحب ولم يقل بوجوبه إلا الحسن البصرى والظاهرية. وفيه دليل على أن الحائض والنفساء يطلب منهما الإتيان بجميع أعمال الحج إلا الطواف وكذا ركعتاه. وعلى أنه لا تشترط الطهارة فى السعى فيجوز للحائض والنفساء السعى بين الصفا والمروة إذا طرأ عليهما الحدث بعد الطواف وقبل السعى. وإليه ذهب الجمهور. ولم ينقل القول بوجوب الطهارة فيه إلا عن الحسن البصرى وبعض الحنابلة، فإنهم شبهوه بالطواف. أما إذا حاضت المرأة أو نفست قبل الطواف فهى ممنوعة من السعى ما لم تطف طاهرة من الحدثين, لأن تقدم الطواف الكامل "بأن يكون الطائف غير محدث حدثا أكبر" شرط فى صحة السعى عند الجمهور. وعليه يحمل ما رواه ابن أبى شيبة من حديث ابن عمر أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لعائشة لما حاضت بسرف وهى محرمة "افعلى ما يفعله الحاج غير ألا تطوفى بالبيت وبين الصفا والمروة حتى تطهرى" قال الحافظ إسناده صحيح. وقال الثورى وعطاء تقدم الطواف على السعى ليس شرطا فى صحته فإذا قدم السعى على الطواف صح. وبه قال أبو حنيفة إلا أنه قال يلزمه دم ودل الحديث على أن الحائض والنفساء ممنوعتان من الطواف. وكذا الجنب والمحدث حدثا أصغر لحديث ابن عباس مرفوعا "الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير" رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد. وروى الترمذى "الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه" والمحدث مطلقا ممنوع من الصلاة، وهذا متفق عليه فلو طاف محدثا لا يصح طوافه أخذا بالأحاديث المذكورة، ولأنه يشترط فيه ما يشترط فى الصلاة من الطهارة وستر العورة فإن ترك شيئا منهما لا يصح عند الجمهور وتلزمه إعادته، ويصح عند الحنفية ويلزمه دم إن لم يعده. وعن بعض الحنفية يلزمه صدقة تجزئ فى الفطرة بناء على أن الطهارة فى الطواف سنة. وروى عن أحمد صحة الطواف بدون طهارة ولا شيء عليه. وقال أبو ثور: إذا طاف على غير وضوء أجزأه طوافه إن كان لا يعلم ولا يجزئه إن كان يعلم. واستدل من أجاز الطواف بغير طهارة بقياسه على الوقوف والسعى وبقية أعمال الحج، فإنه لا يشترط فيها الطهارة. لكن يرد عليهم حديث الباب وما ذكر من الأحاديث الدالة على اشتراط الطهارة فيه
(والحديث) أخرجه أيضا الترمذي وقال حسن غريب من هذا الوجه وفي سنده مروان ابن شجاع وخصيف بن عبد الرحمن. وفيهما مقال