رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما وحديث جابر الآتيين في الباب الآتى وبحديث مروان الأصفر الآتى آخر هذا الباب وبحديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا الذى أخرجه ابن ماجة قال حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وعلى ابن محمد قالا حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن خالد الحذّاء عن خالد بن أبى الصلت عن عراك ابن مالك عن عائشة قالت (ذكر عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة فقال أراهم قد فعلوها استقبلوا بمقعدتى القبلة) ورواه أحمد أيضا وقوله استقبلوا الخ أى حوّلوا موضع قضاء حاجتى إلى جهة القبلة، قالوا فهذه أحاديث صحيحة مصرّحة بالجواز في البنيان (ثانيها) أنه لا يجوز ذلك لا في البنيان ولا في الصحراء وهو قول أبى أيوب الأنصارى ومجاهد وإبراهيم النخعى وسفيان الثورى وعطاء وأبى حنيفة وأحمد في رواية وبعض السلف من الصحابة والتابعين ورجحه من المالكية ابن العربى، واستدلوا بالأحاديث الصحيحة الواردة في النهى مطلقا كحديث سلمان المذكور وأحاديث أبى هريرة وأبى أيوب الأنصارى ومعقل بن أبى معقل رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم الآتية بعده وحديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى (قال أنا أول من سمع النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول لا يبولنّ أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدّث الناس بذلك) رواه ابن ماجه وابن حبان وصححه وفى الزوائد إسناده صحيح وأصله في الصحيحين فلا التفات إلى قول ابن يونس هو حديث معلول قالوا لأن النهى عام ولأن المنع ليس إلا لتعظيم القبلة وهو موجود في الصحراء والبنيان ولو جاز في البنيان لوجود الحائل لجاز في الصحراء النائية عن الكعبة لوجود الحائل أيضا لأن بينها وبين الكعبة جبالا وأودية وأبنية ولا سيما عند من يقول بكرّيّة الأرض فإنه لا موازاة إذ ذاك بالكلية وما ورد عن الشعبى من أنه علل الجواز في البنيان بأن لله خلقا من عباده يصلون في الصحراء فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم وأما بيوتكم هذه التى تتخذونها للنتن فإنه لا قبلة لها فهو تعليل في مقابلة النص. وأجابوا عن أحاديث مروان الأصفر وابن عمر وجابر بأجوبة يأتى ذكرها إن شاء الله تعالى في الكلام عليها، وعن حديث عائشة بأنه من طريق خالد بن أبى الصلت وهو مجهول لا ندرى من هو قاله ابن حزم، وقال الذهبي هذا الحديث منكر، وقال ابن القيم في تهذيب سنن أبى داود إن هذا حديث لا يصح وإنما هو موقوف على عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُا حكاه الترمذى في كتاب العلل عن البخارى. ومن هذا تعلم ما في قول النووى في شرح مسلم إسناده حسن (ثالثها) جواز ذلك في البنيان والصحراء جميعا وهو مذهب عروة بن الزبير وربيعة بن عبد الرحمن شيخ مالك وداود الظاهرى واستدلوا بحديث ابن عمر (أنه رأى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مستقبلا بيت المقدس مستدبرا القبلة) رواه الجماعة. وبحديث عائشة المتقدم في أدلة القول الأول ورأى هؤلاء أن حديث أبى أيوب منسوخ وزعموا أن ناسخه