للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث جابر قال رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنهانا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن نستقبل القبلة ببول ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستدبرها رواه الترمذى وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والدارقطنى والحاكم وقال إنه صحيح علي شرط مسلم وسيأتى في الباب بعد هذا وقال الترمذى حديث حسن غريب وصححه البخارى لما سأله الترمذى عنه فقال حديث صحيح وعليه فالطعن فيه غير مسلم لما سيأتى في الكلام عليه إن شاء الله تعالى. وفيما استدلوا به نظر. أما حديث ابن عمر فهو أخص من الدعوى، وأما حديث عائشة فهو ضعيف كما علمت فلا يصلح للاحتجاج به، وأما دعوى النسخ فليست بظاهرة لأنه لا يصار إليه إلا عند تعذّر الجمع وهو ممكن هنا لأن ما في حديث جابر حكاية فعل النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو لا يصلح لنسخ التشريع القولي لجواز الخصوصية وقد تقرّر في الأصول أن فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يعارض قوله الخاص بنا. وأيضا فإنه يمكن حمل حديثى جابر وابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم على أنهما رأياه في ساتر لأن ذلك هو المعهود من حال النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمالغته في التستر وحمل النهى في حديث أبى أيوب ونحوه على الصحراء، وأما تنحيه هو في البنيان عن القبلة فيحتمل أنه اجتهاد منه رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، على أنا لو سلمنا عدم إمكان الجمع فلا نسلم النسخ أيضا لأن الناسخ لا بدّ أن يكون في قوّة المنسوخ وحديث جابر وإن صح لا يقاوم حديث أبى أيوب وغيره مما اتفق عليه الستة (رابعها) أنه لا يجوز الاستقبال مطلقا لا في البنيان ولا في الصحراء ويجوز الاستدبار فيهما وهو رواية عن أبى حنيفة وأحمد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما ودليله حديث سلمان المذكور لاقتصاره على النهي عن الاستقبال. وردّ بأن النهى عن الاستدبار ثابت في الأحاديث الصحيحة وهو زيادة يتعين الأخذ بها (خامسها) جواز الاستدبار في البنيان فقط تمسكا بظاهر حديث ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما قال رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قاعدا لحاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة رواه الجماعة واللفظ لمسلم وهو مروى عن أبى يوسف وهو مردود بورود النهي عن الاستقبال والاستدبار على السواء وبما تقدم من أن فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لا يعارض القول الخاص بنا (سادسها) تحريم الاستقبال والاستدبار للكعبة ولبيت المقدس عملا بحديث معقل الأسدىّ الآتى آخر الباب وهو محكيّ عن إبراهيم وابن سيرين وسيأتى ردّه في الكلام على حديث معقل إن شاء الله تعالى (سابعها) أن التحريم مختص بأهل المدينة ومن كان على سمتها بخلاف من كانت قبلته إلى الشرق أو الغرب فيجوز له الاستقبال والاستدبار مطلقا لعموم قوله عليه وعلى آله الصلاة والسلام شرّقوا أو غرّبوا، وهو قول أبى عوانة صاحب المزنى، واستدلاله في غاية الرّكة والضعف لأن المراد من قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم شرّقوا أو غرّبوا التحوّل عن استقبال الكعبة

<<  <  ج: ص:  >  >>