اللهم اهد أمّ أبى هريرة فخرجت مستبشرا بدعوة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف "يعنى مغلقا" فسمعت أمى خشفة قدمى فقالت مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها وفتحت الباب ثم قالت يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت يا رسول الله أبشر فقد استجاب الله دعوتك وهدى أمّ أبى هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا قال قلت يا رسول الله ادع الله أن يحببنى وأمى إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق الله مؤمنا سمع بى ولا يرانى إلا أحبنى، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عنه قال يقولون إن أبا هريرة قد أكثر والله الموعد ويقولون ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدّثون بمثل أحاديثه وسأخبركم عن ذلك إن إخوانى من المهاجرين والأنصار كان يشغلهم الصفق بالأسواق وكنت ألزم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم علي ملء بطنى فأشهد إذا غابوا وأحفظ إذا نسوا ولقد قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوما أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثى هذا ثم يجمعه إلى صدره فإنه لم ينس شيئا سمعه فبسطت بردة كانت على جنبى حتى فرغ من حديثه ثم جمعتها إلى صدرى فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثنا به فلولا آيتان أنزلهما الله تعالى في كتابه ما حدّثت شيئا أبدا إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى إلى آخر الآيتين ومع ذلك فقد أمسك عن بعض ما أسمع خشية الفتنة وأن لا تبلغه الأفهام، وأخرج البخارى عنه قال حفظت من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله ولسلم وعاءين فأما أحدهما فبثثته فيكم وأما الآخر فلو حدثتكم به لقطعتم هذا البلعوم. وأخرج الإمام أحمد رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ في الزهد بسند صحيح عن أبى عثمان النهدى قال تضيفت أبا هريرة سبعا فكان هو وامرأته وخادمه يقيمون الليل أثلاثا يصلى هذا ثم يوقظ هذا. وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة أن أبا هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كان يسبح كل يوم اثنى عشر ألف تسبيحة يقول أسبح بقدر ذنبى وأخرج ابن أبى الدنيا من طريق مالك عن سعيد المقبرى قال دخل مروان على أبى هريرة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ في شكواه الذى مات فيها فقال شفاك الله فقال أبو هريرة اللهم إنى أحب لقاءك فأحبب لقائى فلما بلغ مروان يعني وسط السوق حتى مات رضي الله تعالى عنه، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين
(قوله إنما أنا لكم بمنزلة الوالد) لفظ النسائي وابن ماجة إنما أنا لكم مثل الوالد وزاد ابن ماجة لولده أي في الشفقة والحنوّ لا في الرتبة والعلوّ لأنه