توضأ الرجل فنسى أن يمسح برأسه فوجد في لحيته بللا أخذ من لحيته فمسح برأسه وهذا أبلغ من ذلك حيث إنه هنا قد نسى ركنا كاملا فأجزأه إمساس الماء من غير إعادة الوضوء ذكره العينى ويحتمل أن المراد بالإحسان ابتداء الوضوء وإليه ذهب القاضى عياض والأوزاعي والليث وقتادة وعبد العزير بن أبى سلمة من المالكية والشافعى في القديم وأحمد في رواية واستدلوا به على وجوب الموالاة حيث قال أحسن وضوءك ولم يقل اغسل الموضع الذي تركته (قال) النووى في شرح مسلم وهذا الاستدلال ضعيف أو باطل فإن قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أحسن وضوءك محتمل للتتميم والاستئناف وليس حمله على أحدهما أولى من الآخر اهـ لكن قال العينى هو وإن كان يحتمل المعنيين لكن حمله على التتميم أولى فعم الاستدلال به على وجوب الموالاة لا وجه له لعدم ما يدلّ على ذلك وإن دلّ فلا نسلم أن يكون واجبا بل يكون مستحبا لما عرف من أنه يلزم من ذلك الزيادة على مطلق النص وذا غير جائز اهـ (وقال) الحافظ في الفتح باب تفريق الوضوء والغسل أى جوازه وهو قول الشافعى في الجديد واحتج له بأن الله تعالى أوجب غسل الأعضاء فمن غسلها فقد أتى بما وجب عليه فرّقها أو نسقها ثم أيد ذلك بفعل ابن عمر، وبذلك قال ابن المسيب وعطاء وجماعة، وقال ربيعة ومالك من تعمد ذلك فعليه الإعادة ومن نسى فلا، وعن مالك إن قرب التفريق بني وإن طال أعاد، وقال قتادة والأوزاعي لا يعيد إلا إن يجفّ، وأجازه النخعى مطلقا في الغسل دون الوضوء، ذكر جميع ذلك ابن المنذر وقال ليس مع من جعل الجفاف حدّا لذلك حجة (وقال) الطحاوى الجفاف ليس بحدث فينقض كما لو جفّ جميع أعضاء الوضوء لم تبطل الطهارة اهـ (وقال) الخطابى في هذا الحديث دلالة على أنه لا يجوز تفريق الوضوء وذلك لأنه قال ارجع فأحسن وضوئك وظاهر معناه إعادة الوضوء في تمام ولو كان تفريقه جائزا لأشبه أن يقتصر فيه على الأمر بغسل ذلك الموضع وكان يأمره بإمساسه الماء في مقامه ذلك وأن لا يأمره بالرجوع إلى المكان الذى يتوضأ فيه اهـ (وقال) النووى في شرح المهذب إن التفريق اليسير لا يضرّ بالإجماع وأما الكثير فالصحيح في مذهبنا أنه لا يضرّ وبه قال عمر بن الخطاب وابنه وسعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والحسن البصرى والنخعى وسفيان الثورى وأحمد في رواية وداود وابن المنذر، وقالت طائفة يضرّ التفريق وتجب الموالاة حكاه ابن المنذر عن قتادة وربيعة والأوزاعي والليث وأحمد قال واختلف فيه عن مالك رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وحكى الشيخ أبو حامد عن مالك والليث إن فرّق بعذر جاز وإلا فلا. واحتج من أوجب الموالاة بما رواه أبو داود والبيهقى عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رأى رجلا يصلى وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة. وعن عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أن رجلا توضأ