وصلوا ولم يتوضؤوا. وروى ابن ماجه بسنده إلى جابر بن عبد الله قال أكل النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأبو بكر وعمر خبزا ولحما ولم يتوضؤوا (وقال) ابن تيمية وهذه النصوص "يعنى الأحاديث الدالة على ترك الوضوء مما مست النار" إنما تنفى الإيجاب لا الاستحباب ولهذا قال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم للذى سأله أنتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ، ولولا أن الوضوء من ذلك مستحبّ لما أذن فيه لأنه إسراف وتضييع للماء بغير فائدة اهـ وغرضه بذلك الإشارة إلى حمل أحاديث الأمر بالوضوء على الندب وأحاديث الترك على أنه ليس بواجب فلا نسخ وهذا ما جنح إليه الخطابى (وحكى) البيهقى عن عثمان الدارمى أنه لما اختلفت أحاديث الباب ولم يتبين الراجح منها نظر إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون بعد النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فرجحنا به أحد الجانبين اهـ وارتضاه النووى في شرح المهذب كما تقدم. وروى الطبراني من طريق سليم بن عامر قال رأيت أبا بكر وعمر وعثمان أكلوا مما مست النار ولم يتوضؤا قال ابن حجر إسناد حسن. وقد ذكر الطحاوى في شرح معانى الآثار آثارا كثيرة مروية عن الخلفاء الراشدين وغيرهم دالة على عدم الوضوء (منها) ما جاء عن جابر من طريق همام قال حدثنا قتادة قال لى سليمان بن هشام إن هذا لا يدعنا "يعنى الزهرى" أن نأكل شيئا إلا أمرنا أن نتوضأ منه فقلت سألت عنه سعيد بن المسيب فقال إذا أكلته فهو طيب ليس عليك فيه وضوء فإذا خرج فهو خبيث عليك فيه الوضوء فقال ما أراكما إلا قد اختلفتما فهل بالبلد من أحد فقلت نعم أقدم رجل في جزيرة العرب قال من هو قلت عطاء فأرسل جئ به فقال إن هذين قد اختلفا علىّ فما تقول قال حدثنا جابر بن عبد الله أن أبا بكر الصديق أكل لحما ثم صلى ولم يتوضأ (ومنها) ما جاء عن إبراهيم التيمى أن ابن مسعود وعلقمة خرجا من بيت عبد الله في مسعود يريدان الصلاة فجيء بقصعة من بيت علقمة فيها ثريد ولحم فأكلا فمضمض ابن مسعود وغسل أصابعه ثم قام إلى الصلاة (ومنها) ما جاء عن إبراهيم أيضا عن أبيه عن ابن مسعود قال لأن أتوضأ من الكلمة المنتنة أحبّ إلىّ من أن أتوضأ من اللقمة الطيبة (ومنها) ما روى عن أبى إسحاق السبيعى عن سعيد بن جبير قال دخل قوم على ابن عباس فأطعمهم طعاما ثم صلى بهم على طنفسة فوضعوا عليها وجوههم وجباههم وما توضؤوا (ومنها) ما رواه عن مجاهد قال قال ابن عمر لا تتوضأ من شئ تأكله (ومنها) ما رواه عن أبي غالب عن أبى أمامة أنه أكل خبزا ولحما فصلى ولم يتوضأ وقال الوضوء مما يخرح وليس مما يدخل (ومنها) ما رواه عن أنس بن مالك قال أكلت أنا وأبو طلحة وأبو أيوب الأنصارى طعاما قد مسته النار فقمت لأن أتوضأ فقالا لى أتتوضأ من الطيبات لقد جئت بها عراقية (قال) الطحاوى فهذا أبو طلحة وأبو أيوب قد صليا بعد أكلهما مما غيرت النار ولم يتوضآ وقد رويا عن رسول الله صلى الله تعالى