عليه وعلى آله وسلم أنه أمر بالوضوء من ذلك فيما قد روينا عنهما في هذا الباب فهذا لا يكون عندنا إلا وقد ثبت نسخ ما قد رويا عن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من ذلك عندهما فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار، وأما وجهه من طريق النظر فإنا قد رأينا هذه الأشياء التى قد اختلف في أكلها أنه ينقض الوضوء أم لا إذا مستها النار وقد أجمع أن أكلها قبل مماسة النار إياها لا ينقض الوضوء فأردنا أن ننظر هل للنار حكم يجب في الأشياء إذا مستها فينتقل به حكمها إليها فرأينا الماء القراح طاهرا تؤدّى به الفروض ثم رأيناه إذا سخن فصار مما قد مسته النار أن حكمه في طهارته على ما كان عليه قبل مماسة النار إياه وأن النار لم تحدث فيه حكما ينتقل به حكمه إلى غير ما كان عليه في البدء فلما كان ما وصفنا كذلك كان في النظر أن الطعام الطاهر الذى لا يكون أكله قبل أن تمسه النار حدثا إذا مسته النار لا تنقله عن حاله وتغير حكمه ويكون حكمه بعد مسيس النار إياه كحكمه قبل ذلك قياسا ونظرا على ما بينا وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد بن الحسن اهـ
(فقه الحديث) دلّ الحديث على طلب الوضوء مما مسته النار وقد علمت أنه منسوخ أو محمول على الندب
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه النسائى والطحاوى في شرح معانى الآثار من عدة طرق وفى بعض النسخ بعد الحديث السابق زيادة "قال أبو داود في حديث الزهرى يا ابن أخى" أى أن الحديث روى من طريق محمد بن مسلم الزهرى وفيه يا ابن أخى بدل يا ابن أختى في رواية أبى سلمة، وكون أبى سفيان بن سعيد ابن أخى أم حبيبة محمول على عادة العرب من مناداة الصغير بقولهم يا ابن أخى أو وهم من بعض الرواة فإنه ابن أختها كما تقدم. وفي هذه الزيادة إشارة إلى طريق آخر للحديث فيه محمد بن مسلم الزهرى وقد ذكره النسائى قال أخبرنا الربيع بن سليمان ابن داود ثنا إسحاق بن بكر بن مضر حدثني بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن محمد بن مسلم بن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى سفيان بن سعيد الأخنس أن أم حبيبة زوج النبي. صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قالت له وشرب سويقا يا ابن أختى توضأ فإني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول توضؤوا مما مست النار اهـ ومثله في الطحاوى وقد أخرجاه بسندهما إلى الزهرى من طريق آخر وفي كل يا ابن أختى. ومنه تعلم أن ما في هذه الزيادة من قوله يا ابن أخى غير موافق لما ذكر ولعله تحريف من النساخ فإن الحديث الذى فيه يا ابن أخى ليس من طريق الزهرى بل من طريق يحيى بن أبى كثير قال حدثنى أبو سلمة أن أبا سعيد بن أبى سفيان بن المغيرة أخبره أنه دخل على أم حبيبة فدعت له بسويق فشرب ثم قالت يا ابن أخى توضأ فقال إني لم أحدث شيئا فقالت إن رسول الله صلى الله تعالى عليه