(فقه الحديث) دلّ الحديث على كراهة ذكر الله تعالى حال قضاء الحاجة ولو كان واجبا باعتبار الأصل كردّ السلام. وعلى أن المسلم في هذا الحال لا يستحقّ جوابا وهذا متفق عليه وأما ردّه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعد ذلك فمن مكارم أخلاقه ولذا نهى ذلك الرجل أن يعود كما في رواية ابن ماجه عن جابر المتقدمة. وكما أنه لا يردّ السلام حال قضاء الحاجة لا يشمت العاطس ولا يحمد الله تعالى إذا عطس ولا يجيب المؤذن. وكذا لا يأتى بشيء من ذلك حال الجماع وإذا عطس في هذه الأحوال يحمد الله تعالى في نفسه ولا يحرّك به لسانه، وكراهة الذكر في هذه الأحوال كراهة تنزيه لا تحريم كما عليه الأكثرون، وحكي عن إبراهيم النخعى وابن سيرين أنه لا بأس بالذكر حال قضاء الحاجة، لكن لا وجه لهما
(من أخرج الحديث أيضا) أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجه بلفظ المصنف والنسائى والبيهقى والترمذى وقال حديث حسن صحيح وأخرجه أيضا ابن ماجة عن أبى هريرة قال مرّ رجل على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يردّ عليه فلما فرغ ضرب بكفيه الأرض فتيمم ثم ردّ عليه السلام
(ش) هذان تعليقان وصلهما المصنف في باب التيمم في الحضر. أما رواية ابن عمر فقد وصلها من طريق ابن الهاد أن نافعا حدّثه عن ابن عمر قال أقبل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من الغائط فلقيه رجل عند بئر جمل وسلم عليه فلم يردّ عليه رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى أقبل على الحائط فوضع يده على الحائط ثم مسح وجهه ويديه ثم ردّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم على الرجل السلام. ومراد المصنف بغير ابن عمر ابن عباس وأبو الجهيم. فرواية ابن عباس وصلها من طريق ثابت العبدى قال أخبرنا نافع قال انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس فقضى ابن عمر حاجته فكان من حديثه يومئذ أن قال مرّ رجل على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يردّ عليه حتى إذا كاد الرجل أن يتوارى في السكة ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فسح ذراعيه ثم ردّ على الرجل السلام وقال إنه لم يمنعني أن أردّ عليك السلام إلا أنى لم أكن على طهر. ورواية أبى الجهيم وصلها من طريق عيد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الله ابن يسار مولى ميمونة زوج النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حتى دخلنا على أبى الجهيم