للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غريب وقال إبراهيم بن مهاجر عن الشعبى عن قبيصة بن جابر صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين قرآنا ولا أكرم خلقا ولا أشبه سريرة بعلانية منه كان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حادّ الذكاء عظيم الدّهاء قال الشعبى دهاة العرب في الإسلام أربعة فعدّ منهم عمرا وقال فأما عمرو فللمعضلات وهو الذى افتتح مصر وولاه عمر عليها، وأخرج مسلم في صحيحه عن ابن شماسة المهرى قال حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلا وحوّل وجهه إلى الجدار فجعل ابنه يقول ما يبكيك أما بشرك رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بكذا فأقبل بوجهه فقال إن أفضل ما نعدّ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إني كنت على أطباق ثلاث لقد رأيتنى وما أحد أشدّ بغضا لرسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منى ولا أحب إلىّ أن أكون قد استمكنت منه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار فلا جعل الله الإسلام في قلبى أتيت النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسم فقلت ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه فقبضت يدى قال مالك يا عمرو قال قلت أردت أن أشترط قال تشترط بماذا قلت أن يغفر الله لى قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله وأن الهجرة تهدم ما قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله وما كان أحد أحب إليّ من رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولا أجلّ في عينى منه وما كنت أطيق أن أملأ عينى منه إجلالا ولو شئت أن أصفه ما أطقت لأنى لم أكن أملأ عينى منه ولو مت على تلك الحالة لرجوت أن أكون من أهل الجنة ثم ولينا أشياء ما أدرى ما حالى فيها فإذا مت فلا تصحبنى نائحة ولا نار فإذا دفنتمونى فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبرى قدر ما يذبح جزور ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم وأنظر ماذا أراجع به رسل ربى (وعلى الجملة) ففضائله أكثر وأشهر من أن تذكر. روى له عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سبعة وثلاثون حديثا اتفق الشيخان على ثلاثة أحاديث ولمسلم حديثان وللبخارى طرف من حديث. روى عنه أبو عثمان النهدى وعروة بن الزبير وقيس مولاه وابنه عبد الله وقبيصة بن ذؤيب وغيرهم. مات بمصر سنة اثنتين وقيل ثلاث وأربعين يوم الفطر ودفن بالمقطم وعمره تسعون أو تسع وتسعون سنة، روى له الجماعة

(قوله ومعه درقة) هذه الجملة حال من فاعل خرج والدرقة بفتحات الترس من جلد ليس فيه خشب ولا عصب وهو ما تعمل منه الأوتار، وإنما استتر بها لئلا يطلع أحد على عورته

(قوله فقلنا انظروا الخ) أى قال بعض القوم كما في رواية أحمد والنسائى، وفي رواية ابن ماجه فقال بعضهم وقالوا ذلك تعجبا لما رأوه مخالفا لما عليه عادتهم في الجاهلية من بول الرجال قياما وكانوا قريب العهد بها، ولم يقولوا هذا استهزاء وسخرية لأن الصحابة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُم لا يقع منهم ذلك

(قوله كما تبول المرأة) فإنهم كانوا يزعمون أن شهامة الرجل لا تقتضى التستر على ما كانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>