عليه في الجاهلية، وفى رواية البغوى في معجمه فقال بعضنا لبعض يبول رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كما تبول المرأة وهو قاعد، ورواية الطبرانى في معجمه يبول رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وهو جالس
(قوله فقال) أى النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم مجيبا لهم بقوله "ألم تعلموا الخ" فكأنهم قالوا نعم أخبرنا، هذا على أن الاستفهام حقيقى فلذلك بين لهم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله كانوا الخ. ويحتمل أن يكون للتوبيخ والتقريع نظرا لشناعة مقالتهم فيكون بيانه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم من باب التنبيه علي ما هو معلوم رأفة بهم
(قوله صاحب بنى إسراءيل) برفع صاحب على أنه فاعل لقى ويكون نظم الكلام عليه ألم تعلموا العذاب الذى لقيه صاحب بنى إسرائيل هذا على كون ما موصولة، أما على كونها موصوفة فيكون التقدير ألم تعلموا عذابا لقيه صاحب بنى إسراءيل ويجوز نصبه على أنه مفعول لقى وتقدير الكلام عليه ألم تعلموا العذاب الذى لقى (أى هو) صاحب بنى إسرائيل والمتبادر أن المراد بصاحب بنى إسرائيل واحد منهم وعلى هذا فلا إشكال في الحديث، وقيل المراد به موسى عليه الصلاة والسلام كما ذكره العينى، وعلى هذا يشكل قوله فنهاهم فعذّب في قبره، وطريق دفعه أن يقال فنهاهم عن التهاون في البول فعذّب في قبره من لم ينته عنه، ولا يخفى بعده وبنو إسرائيل أولاد يعقوب بن إسحاق وإسرائيل هو يعقوب ومعناه بالسريانية عبد الله لأن إسرا بمعنى عبد وإيل بمعنى الله
(قوله إذا أصابهم البول الخ) أى أصاب جسدهم أو ثيابهم البول قطعوا الموضع الذى أصابه يعنى أنهم ما كان يجوز لهم أن يطهروا موضع النجاسة بالماء إنما كان التطهير في دينهم بقطع المتنجس
(قوله فنهاهم الخ) أى نهى الرجل المذكور بنى إسراءيل عن هذا القطع وقال هذا تكليف شديد فاتركوا العمل به فعذّبه الله تعالى بسبب هذه المخالفة فحذر النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أصحابه من إنكار ما هو مقرّر في الشرع فكأنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال لهم لا تستثقلوا ما أبينه لكم من الأحكام ولو كان على خلاف معتادكم في الجاهلية كما استثقل صاحب بنى إسراءيل وإلا فيخشى أن يصيبكم مثل ما أصابه وهذا على أن القائل انظروا الخ من الصحابة أما على أنه مشرك أو منافق كما قاله في المرقاة فيكون قصد النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بذلك توبيخه وتهديده وأنه من أصحاب النار حيث عيره بالحياء وفعل النساء
(فقه الحديث) دلّ الحديث على جواز ترك التباعد عن الناس عند قضاء الحاجة مع التستر وإن كان غالب أحواله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم التباعد كما تقدم. وعلى أنه لا يجوز لأحد التكلم في شئ من أمر الدين حتى يعلم حكم الله فيه، وعلى طلب التلطف في المخاطبة عند التعليم فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لما سمع مقالتهم لم يقابلهم بالغلظة بل تلطف بهم