للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغلام أيضا نجس وهذا قول أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد اهـ (وأجابوا) عن حديث الباب بأن المراد بالنضح الغسل لأن النضح يستعمل في الغسل كما في قوله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في صاحب المذى فلينضح فرجه. وحديث أسماء في غسل الدم وانضحيه فإن المراد بالنضح فيهما الغسل وهو في لسان العرب كثير، وبأن معنى قوله ولم يغسله لم يعركه ولم يبالغ في غسله بالدلك وبأن قول أم قيس لم يأكل الطعام ليس علة في الحكم وإنما هو وصف حال وحكاية قضية والنبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يعلل بهذا ولا أشار إليه، وهذا ملخص كلامهم (لكن) الظاهر ما ذهب إليه الفريق الأول من التفرقة بين بول الصبيّ والصبية كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة. وما استدلّ به الفريق الثالث من حديث عمار فقد علمت ما فيه من الضعف فلا يعارض أحاديث الباب الصحيحة. وعلى تقدير صحته فهو عام يحمل على الخاص. واستدلالهم بالقياس غير ظاهر لأن القياس لا يصبح إذا عارض النص الصحيح الصريح. وقولهم إن المراد بالنضح الغسل مردود لأنه لا قرينة تصرفه عن ظاهره. وقولهم إن معنى ولم يغسله في الحديث عدم مبالغته في الغسل خلاف الظاهر. وقولهم إن قول أم قيس لم يأكل الطعام حكاية حال غير مسلم لأنه تخصيص بلا دليل فإنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أمر بنضح بول الصبي الموصوف بهذه الصفة فلا فرق بين ابن أم قيس وغيره فالحكم عامّ. وقولهم إن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يعلل بهذا ولا أشار إليه مردود بما رواه الدارقطني عن عطاء عن عائشة قالت بال ابن الزبير على النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فأخذته أخذا عنيفا فقال إنه لم يأكل الطعام ولا يضرّ بوله. وفى رواية فقال دعيه فإنه لم يطعم الطعام فإنه لا يقذر بوله اهـ فقد علل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بعدم أكل الطعام في الحديث (قال) ابن دقيق العيد الحديث ظاهر في الاكتفاء بالنضح وعدم الغسل ولا سيما مع قولها ولم يغسله والذين أوجبوا غسله اتبعوا القياس على سائر النجاسات وأولوا الحديث وقولها ولم يغسله أى غسلا مبالغا فيه كغيره وهو لمخالفة الظاهر محتاج إلى دليل يقاوم هذا الظاهر. ويبعده أيضا ما ورد في بعض الأحاديث من التفرقة بين بول الصبي والصبية فإن الموجبين للغسل لا يفرقون بينهما ولما فرق في الحديث بين النضح في الصبي والغسل في الصبية كان ذلك قويا في أن النضح غير الغسل إلا أن يحلموا ذلك على قريب من تأويلهم الأول وهو إنما يفعل في بول الصبية أبلغ مما يفعل في بول الصبي فسمى الأبلغ غسلا والأخفّ نضحا واعتل بعضهم في هذا بأن بول الصبي يقع في محل واحد وبول الصبية يقع منتشرا فيحتاج إلى صبّ الماء في مواضع متعددة ما لا يحتاج إليه في بول الصبي اهـ ومحل الخلاف المتقدم في الصبي ما لم يأكل طعاما غير اللبن وإلا فالغسل متفق عليه. وقد جاء في وجه التفرقة بين بول الغلام وبول الجارية آثار (منها) ما رواه ابن ماجة عن أبي الحسن بن سلمة قال حدثنا أحمد بن موسى بن معقل

<<  <  ج: ص:  >  >>