وأعلاها اهـ (واختلف) في غاية الإبراد فقيل حتى يصير الظلّ ذراعا بعد ظلّ الزوال. وقيل ربع قامة. وقيل ثلثها. وقيل نصفها (وقال) المازرى هي على اختلاف الأوقات والجارى على القواعد أنه يختلف باختلاف الأحوال لكن يشترط أن لا يمتدّ إلى آخر الوقت. أما ما وقع عند المصنف وكذا البخارى عن مسلم بن إبراهيم بلفظ حتى ساوى الظلّ التلول ظاهره يقتضى أنه أخرها إلى أن صار ظلّ كل شئ مثله فيحتمل أن يراد بهذه المساواة ظهور الظلّ بجنب التلّ بعد أن لم يكن ظاهرا فساواه في الظهور لا في المقدار. أو يقال كان ذلك في السفر فلعله أخرها حتى يجمعها مع العصر اهـ من الفتح
(قوله إن شدة الحرّ من فيح جهنم) تعليل لمشروعية التأخير المذكور. والحكمة فيه دفع المشقة لكونها قد تسلب الخشوع وهذا أظهر. أو أنها الحالة التي ينتشر فيها العذاب. ويؤيده حديث عمرو بن عبسة عند مسلم حيث قال له أقصر عن الصلاة عند استواء الشمس فإنها ساعة تسجر فيها جهنم "وقد استشكل" هذا بأن الصلاة سبب الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب فكيف أمر بتركها "وأجاب" عنه أبو الفتح اليعمرى بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه. واستنبط له الزين بن المنير معنى يناسبه فقال وقت ظهور أثر الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا ودعاء فناسب الاقتصار عنها حينئذ وظاهره أن مثار وهج الحرّ من فيح جهنم حقيقة لما روى أن الله تعالى أذن لجهنم في نفسين نفس في الصيف ونفس في الشتاء. ويحتمل أن يكون على التشبيه والتقريب أى كأن شدّة الحرّ من نار جهنم فاحذروها واجتنبوا ضررها (قال) النووى الأول هو الصواب لأنه ظاهر الحديث ولا مانع من حمله على حقيقته
(قوله فأبردوا بالصلاة) أى أخروا أداءها عن وقت الهاجرة إلى حين برد النهار وانكسار شدّة الحرّ. ويحتمل أن المعنى ادخلوا الصلاة في وقت البرد. والمراد صلاة الظهر لأنها الصلاة التي يشتدّ فيها الحرّ غالبا (وقال) أشهب المراد بالصلاة الظهر والعصر. ولعلّ وجهه أن وقت هاتين الصلاتين مظنة اشتداد الحرّ دون غيرهما (وظاهر) الحديث يدلّ على وجوب الإبراد وبه قال بعضهم كما حكاه القاضى عياض (وذهب) الجمهور إلى أن الأمر فيه للندب وقيل للإرشاد. والقرينة الصارفة عن الوجوب أنه لما كانت الحكمة في الإبراد دفع المشقة عن المصلى كان ذلك من باب النفع له فلو كان الأمر للوجوب لكان حرجا وتضييقا عليه فيعود الأمر عليه بالمضرّة وهذا خلف (وخصّ) الجمهور ندبية الإبراد بشدّة الحرّ كما يشعر بذلك التعليل ولما رواه النسائى عن أنس قال كان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا كان الحرّ أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل (وظاهر) الأحاديث يدلّ على أنه لا فرق بين الجماعة والمنفرد في الإبراد بالصلاة (وإلى هذا) ذهب أحمد وإسحاق والكوفيون وابن المنذر (وقال) أكثر المالكية الأفضل للمنفرد التعجيل. لكن مقتضى التعليل الذى يتسبب عنه ذهاب