منها فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقال إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين، وبما رواه أحمد والنسائى عن أسامة بن زيد قال إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم كان يصلى الظهر بالهجير ولا يكون وراءه إلا الصفّ والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين (وأنت) خبير بأن مجرّد كون صلاة الظهر كانت شديدة على الصحابة لا يستلزم أن تكون الآية نازلة فيها، غاية ما فيه أن المناسب أن تكون الوسطى هي الظهر. ومثل هذا لا يعارض به تلك النصوص الصحيحة الصريحة الثابتة في الصحيحين من طرق متعددة، وعلى فرض أن قول هذين الصحابيين تصريح ببيان سبب النزول لا إبداء مناسبة فلا ينتهض لمعارضة هذه الأحاديث (وقيل) هي المغرب نقله ابن أبى حاتم بإسناد حسن عن ابن عباس قال صلاة الوسطى هي المغرب وبه قال قبيصة بن ذئب (وحجتهم) في ذلك أنها معتدلة في عدد الركعات وأنها لا تقصر في السفر وأن العمل مضى على المبادرة إليها والتعجيل بها في أول غروب الشمس وأن قبلها صلاتى سرّ وبعدها صلاتا جهر. لكن علمت أن ما رواه ابن عباس عنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أنها العصر والعمل بما رواه لا بما رآه كما تقدم (وذهبت) الإمامية إلى أنها العشاء، واختاره الواحدى. واحتج له بأنها بين صلاتين لا تقصران وبأنها تقع عند النوم فأمر بالمحافظة عليها (وقال) الربيع بن خيثم وسعيد بن جبير وشريح القاضى ونافع واختاره إمام الحرمين من الشافعية إنهما واحدة من الخمس غير معينة (واحتجوا) بما روى أن رجلا سأل زيد بن ثابت عن الصلاة الوسطى فقال حافظ على الصلوات تصبها فهى مخبوءة في جميع الصلوات خبء ساعة الإجابة في ساعات يوم الجمعة وليلة القدر في ليالى شهر رمضان والاسم الأعظم في جميع الأسماء (وقال) ابن عمر ومعاذ بن جبل وابن عبد البر إنها الصلوات الخمس واحتج له بأن قوله تعالى "حافظوا على الصلوات" يتناول الفرائض والنوافل فعطف عليه الوسطى وأريد بها كل الفرائض تأكيدا لها (وقيل) إنها الجمعة ذكره ابن حبيب ورجحه أبو شامة وذلك لما اختصبت به من الاجتماع والخطبة. ولما ورد من الترغيب في المحافظة عليها (وقيل) إنها الجماعة حكاه أبو الحسن الماوردى لأن ذلك أبعث على المحافظة عليها أيضا (وقيل) غير ذلك. وقد جمع الدمياطى جزءا مشهورا سماه كشف الغطاء عن الصلاة الوسطى فبلغ تسعة عشر قولا (وأقوى حجة) لمن قال إنها غير العصر ما رواه مسلم وأحمد والبيهقى من من طريق شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأناها ما شاء الله ثم نسخها الله فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فقال رجل هي إذن صلاة العصر فقال قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله. وما رواه مسلم وأحمد من طريق أبى يونس عن عائشة أنها أمرته أن يكتب لها مصحفا فلما بلغت حافظوا على