للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يومًا متعاضدة بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار، فالمصير إليها متعين، قال الترمذي في "سننه" (١): وقد أجمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعون ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا، إلَّا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي.

واختلفوا في تقدير أقل النفاس، فعند العترة والشافعي ومحمد: لا حد لأقله، واستدلوا بما سبق من قوله: "فإن رأت الطهر قبل ذلك"، وقال زيد بن علي: ثلاثة أقراء، فإذا كانت المرأة تحيض خمسًا فأقل نفاسها خمسة عشر يومًا، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: بل أحد عشر يومًا كأكثر الحيض وزيادة يوم لأجل الفرق، وقال الثوري: ثلاثة أيام، وجميع الأقوال ما عدا الأول لا دليل عليها ولا مستند لها إلَّا الظنون، انتهى ملخصًا بتغيير.

قلت: وما نسب الشوكاني إلى أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - من أنهما قدرا أقل النفاس أحد عشر يومًا لم أره في كتبنا، بل قال في "البدائع" (٢): وأما الكلام في مقداره فأقله غير مقدر بلا خلاف، حتى إنها إذا ولدت ونفست وقت صلاة لا تجب عليها تلك الصلاة، وما ذكر من الاختلاف بين أصحابنا في أقل النفاس، فذاك في موضع آخر، وهو أن المرأة إذا طلقت بعد ما ولدت ثم جاءت وقالت: نفست ثم طهرت ثلاثة أطهار وثلاث حيض، فبكم تُصدق في النفاس، فعند أبي حنيفة لا تُصدق في أقل من خمسة وعشرين (٣) يومًا، وعند أبي يوسف لا تُصدق في أقل من أحد عشر يومًا، وعند محمد تصدق في ما ادّعت وإن كان قليلًا، انتهى.


(١) "سنن الترمذي" (١/ ٢٥٨).
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ١٥٧).
(٣) كذا في "البحر الرائق" (١/ ٢١٩)، وما في "البدائع": "خمسة عشر" فهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>