للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإن وقع عليه الشمس وجفت أو ذهب أثرها طهرت عنده من غير حفر ولا صب ماء.

قال ابن الهمام (١): قول صاحب "الهداية": فجفت بالشمس اتفاقي، إذ لا فرق بين الجفاف بالشمس أو الريح، والمراد من الأثر الذاهب اللون أو الريح.

وقال ابن الهمام: ليس في الحديث دلالة على أن الأرض لا تطهر بالجفاف، وقد صح عن ابن عمر أنه قال: "كنت عزبًا أبيت في المسجد، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون من ذلك"، فلولا اعتبارها أنها تطهر بالجفاف كان ذلك تبقية لها بوصف النجاسة مع العلم بأنهم يقومون عليها في الصلاة البتة، إذ لا بد منه مع صغر المسجد وعدم من يتخلف في بيته، وكون ذلك يكون في بقع كثيرة حيث تقبل وتدبر وتبول، فإن هذا التركيب في الاستعمال يفيد تكرار الكائن منها.

أو لأن تبقيتها نجسة ينافي الأمر بتطهيره، فوجب كونها تطهير بالجفاف بخلاف أمره -عليه الصلاة والسلام - بإهراق ذنوب من ماء, لأنه كان نهارًا، وقد لا يجف قبل وقت الظهر، فأمر بتطهيرها بالماء، بخلاف مدة الليل.

أو لأن الوقت كان إذ ذاك قد آن، أو أريد إذ ذاك أكمل الطهارتين المتيسر في ذلك الوقت هذا، وإذا قصد تطهير الأرض صب الماء عليه ثلاث مرات وجففت بكل مرة بخرقة طاهرة، وكذا لو صب (٢) عليه ماء بكثرة ولم يظهر لون النجاسة ولا ريحها فإنها تطهير، انتهى.


(١) "فتح القدير" (١/ ١٧٤).
(٢) وهكذا في "الشامي" (١/ ٥٦٣). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>