للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال في "الأم" (١): ومن أخَّر العصر حتى تجاوز ظل كل شيء مثليه في الصيف، أو قدر ذلك في الشتاء، فقد فاته وقت الاختيار، ولا يجوز عليه أن يقال: قد فاته وقت العصر مطلقًا، كما جاز على الذي أخَّر الظهر إلى أن جاوز ظل كل شيء مثله، لما وصفت من أنه تحل له صلاة العصر في ذلك الوقت، وهذا لا يحل له صلاة الظهر في هذا الوقت، انتهى.

وأما أول وقت المغرب فحين تغرب الشمس بلا خلاف فيه، وأما آخره فقد اختلفوا فيه، فعندنا: آخره حين يغيب الشفق، وقال الشافعي (٢): لا وقت للمغرب إلَّا وقت واحد، وهو ما يتطهر فيه الإنسان ويؤذن ويقيم ويصلي ثلاث ركعات حتى لو صلاها بعد ذلك كان قضاءً لا أداءً عنده، وبه قال الأوزاعي ومالك لحديث إمامة جبرئيل عليه السلام أنه صلَّى المغرب في المرتين في وقت واحد.

ولنا ما روى أبو هريرة: "أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وآخره حين يغيب الشفق"، وكذلك عن ابن عمرو -رضي الله عنه - مرفوعًا أنه قال: "وقت المغرب ما لم يغب الشفق"، قلت: وكذا في رواية مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو: "وقت صلاة المغرب ما لم يسقط ثور الشفق" وكذا عن أبي موسى وبريدة الأسلمي: "ثم أخَّر المغرب حين كان عند سقوط الشفق"، وفي لفظ: "فصلَّى المغرب قبل أن يغيب الشفق"، وقد اختار بعض أصحاب الشافعي هذا القول.

وقال النووي (٣): وذهب المحققون من أصحابنا إلى ترجيح القول بجواز تأخيرها ما لم يغب الشفق، وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك، ولا يأثم


(١) (١/ ٧٣).
(٢) في الجديد "ابن رسلان".
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>