للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّ مُعَاذًا قَدْ سَنَّ لَكُمْ سُنَّةً, كَذَلِكَ فَافْعَلُوا".

قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَمَرَهُمْ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ, ثُمَّ أُنْزِلَ رَمَضَانُ, وَكَانُوا قَوْمًا لَمْ يَتَعَوَّدُوا الصِّيَامَ, وَكَانَ الصِّيَامُ عَلَيْهِمْ شَدِيدًا, فَكَانَ (١) مَنْ لَمْ يَصُمْ أَطْعَمَ

===

قول معاذ: (إن معاذًا قد سن (٢)) أي قد أجرى وأحدث (لكم سنَّة) أي سنة حسنة (كذلك فافعلوا) فلا تخالفوا الإِمام في أداء ما سبق من الصلاة، بل ادخلوا مع الإِمام في الصلاة واتبعوه فيما يؤديه.

وهذا حال ثان بأن المسبوق إذا حضر الجماعة كان يسأل عما سبق به فيخبر، فيؤديها قبل الإِمام، ثم يدخل في صلاة الإِمام، فَحُوِّل ذلك وغُيِّر وأمروا بأنهم إذا سبقوا بركعة من الصلاة فعليهم أنهم إذاحضروا جماعة أن يدخلوا في صلاة الإِمام ولا يخالفوه، ثم إذا فرغ الإِمام من الصلاة أدوا ما سبقوا بها، ثم لم يذكر في هذه الرواية الحال الثالث، وسيذكره المصنف في الرواية الآتية.

(قال) أي ابن أبي ليلى: (وحدثنا أصحابنا) وهذا شروع في التغير الواقع في الصوم، فإنه وقع في الصوم أيضًا ثلاث تحويلات: إحداها: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة) أي مهاجرًا (أمرهم) أي المسلمين (بصيام ثلاثة أيام) من كل شهر، فأوجب عليهم صيامها (ثم أنزل رمضان) أي صوم شهر رمضان، (وكانوا) أي الصحابة (قومًا لم يتعودوا) أي لم يعتادوا (الصيام، وكان الصيام عليهم شديدًا) لأجل أنهم كانوا لم يعتادوها، (فكان من لم يصم أطعم


(١) وفي نسخة: "وكان".
(٢) فيه البحث عن الاجتهاد في عصره - صلى الله عليه وسلم -، وبسطه ابن رسلان، وقال: اختلف أهل الأصول في جواز الاجتهاد في عصره جمع على خمسة أقوال: أصحها عند الأكثرين الجواز، وقيل: المنع مطلقًا، وقيل: بإذنه، وقيل: للغائب دون من بحضرته, لأن الغائب لو أخر الحادثة إلى لقائه لفاتت المصلحة، وقيل: يجوز للغائبين من الولاة كعلي ومعاذ ... إلخ، ثم قال: وعلى القول بالجواز اختلفوا في وقوعه على خمسة أقوال، ثم بسطها. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>