للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ورد عن فعل ذلك في الصلاة، أو في المضي إلى الصلاة، وفعله - صلى الله عليه وسلم - ليس في الصلاة، ولا في المضي إليها، فلا معارضة إذًا، وبقي كل حديث على حياله.

فإن قلت: في حديث أبي هريرة الذي في الباب وقع تشبيكه - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة، قلت: إنما وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه فهو في حكم المنصرف عن الصلاة، والرواية التي فيها النهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة، لأن فيها ضعيفًا ومجهولًا، وقد رواها ابن أبي شيبة، ولفظه: "إذا صلَّى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى غير منه".

وقال ابن المنير: التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل وتصوير المعنى في النفس.

فإن قلت: ما حكمة النهي عن التشبيك؟ قلت: أجيب بأجوبة: الأول: لكونه من الشيطان، والثاني: أنه يجلب النوم وهو من مظان الحديث، الثالث: أن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف، كما نبه عليه في حديث ابن عمر، فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة، حتى لا يقع في المنهي عنه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - للمصلين: "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، انتهى ملخصًا.

قال القاري (١): يحتمل أن يكون النهي عن ذلك كالنهي عن كف الشعر والتثاؤب في الصلاة، وثبت في حديث ذي اليدين أنه عليه الصلاة والسلام شبك أصابعه في المسجد، وذلك يفيد عدم التحريم، ولا يمنع الكراهة أي لغيره لكون فعله نادرًا، أي لبيان الجواز، أو لمعنى كما في حديث الأخبار، ويمكن حمله إلى ما قبل النهي، فإن حديث ذي اليدين قبل نسخ الكلام مع أن تشبيكه عليه الصلاة والسلام إنما كان على ظن منه أنه فرغ من صلاته.


(١) "مرقاة المفاتيح" (٣/ ١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>