للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا". [خ ٦٣٦، م ٦٠٢، ت ٣٢٧، ن ٨٦١، جه ٧٧٥]

===

(فما أدركتم فصلوا) الفاء جزاء شرط محذوف، أي إذا بينت لكم ما هو أولى بكم، فما أدركتم فصلوا، أي ما أدركتم من ركعات الصلاة فصلوه، وبإطلاقه أخذ جماعة من العلماء أن الجماعة تدرك بأي جزء أدرك قبل سلام الإِمام، ويحصل للمأموم فضل الجماعة وهو سبع وعشرون درجة، لكن من أدركها من أولها تكون درجته أكمل.

(وما فاتكم فأتموا) فيه دليل على أن ما أدركه المرء من صلاة إمامه هو أول صلاته, لأن لفظ الإتمام يقع على باقي فعل تقدم أوله، وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد قاله ابن الملك، قال الطيبي: وهو مذهب علي وأبي الدرداء، قلت: وإليه ذهب أبو حنيفة - رحمه الله- إلَّا في القراءة، قال ابن حجر: وهو مذهب جمع من الصحابة والتابعين، وقال آخرون: ما أدركه معه هو آخر صلاته لرواية: "ما فاتكم فاقضوا" ورد بأن حقيقة القضاء هنا غير متأتية، فتعين حملها على رواية الإتمام الصريحة، قاله القاري (١).

قلت: قد اختلف الأئمة فيمن أدرك الإِمام يوم الجمعة بعد الركوع مثلًا في التشهد أو في سجود السهو هل يبني عليه الجمعة أو الظهر؟ فقال محمد: يبني عليها الظهر، ويصلي أربعًا، قال العيني في "شرح الهداية": وبه قال الشافعي ومالك (٢) وأحمد بناءً على ما أخرجه الدارقطني (٣) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى، وما فاتته الركعتان فليصل أربعًا".

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: يبني عليها الجمعة، ويصلي ركعتي الجمعة مستدلًا بهذا الحديث الصحيح الصويح الذي أخرجه البخاري ومسلم، فإنه يدل


(١) "مرقاة المفاتيح" (٢/ ١٨٠).
(٢) وينوي الجمعة ابتداء عند الشافعي والظهر عند أحمد، كذا في "الأوجز" (٢/ ٤١٢). (ش).
(٣) "سن الدارقطني" (٢/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>