للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قول أبي حنيفة وأحمد في رواية, وسفيان ومجاهد وابن سيرين، وقال ابن الجوزي: الأشبه بمذهبنا ومذهب أبي حنيفة أنه آخر صلاته، وقال ابن بطال: روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم النخعي والشعبي وأبي قلابة، ورواه ابن القاسم عن مالك وهو قول أشهب وابن الماجشون، واختاره ابن حبيب، واستدلوا على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما فاتكم فاقضوا"، ورواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي ذر، وابن حزم بسند مثله عن أبي هريرة، والبيهقي بسند لا بأس به على رأي جماعة عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه -.

والجواب عما استدل به الشافعي ومن تبعه وهو قوله: "فأتموا": أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإِمام، فحمل قوله: "فأتموا" على أن من قضى ما فاته فقد أتم, لأن الصلاة تنقص بما فات، فقضاؤه إتمام لما نقص.

قلت (١): وههنا قول خامس (٢) نسبه الحنفية إلى الإِمام محمد - رحمه الله -، وهو أن المسبوق يقضي أول صلاته في حق قراءة، وآخرها في حق تشهد، قال الشامي (٣): وظاهر كلامهم اعتماد قول محمد.

وعندي الأوفق بلفظ الحديث قول من قال: إن ما أدرك من صلاة الإِمام فهو آخر صلاته، فإن لفظ الحديث: "ما فاتكم فأتموا"، تقديره: ما فات من صلاتكم عن صلاة إمامكم فاتموه أي ائتوه تامًا، والذي فات من الصلاة هو أول صلاته، فإنه لم يدركه مع الإِمام، فعليه بمقتضى الحديث أن يؤديه تامًا كاملًا، وما استدل على خلافه من أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل


(١) اختلفت أقوال الفقهاء في نقل قول الإِمام محمد، كما في "الشامي" (٢/ ٤١٧) و"البدائع (١/ ٥٦٥)، و"البحر" (٢/ ١٧٤) بأشد البسط. (ش).
(٢) والفرق بين هذا القول والقول الثاني من الأقوال المذكورة يظهر من كلام صاحب "البدائع" وشيء من ذلك في "الأوجز" (٢/ ٢٣) (ش).
(٣) "رد المحتار" (٢/ ٤١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>