للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١): وأما احتجاج أصحابنا لذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلَّا المكتوبة" فليس بجيد, لأن حاصله النهي عن التلبس بصلاة غير التي أقيمت من غير تعرض لنية فرض أو نفل، ولو تعينت نية الفرض لامتنع على معاذ أن يصلي الثانية بقومه, لأنها حينئذ ليست فرضًا له.

وكذلك قول بعض أصحابنا: لا يظن بمعاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف أفضل الأئمة في المسجد الذي هو من أفضل المساجد، فإنه وإن كان فيه نوع ترجيح، لكن للمخالف أن يقول: إذا كان ذلك بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمتنع أن يحصل له الفضل بالاتباع.

وكذلك قول الخطابي: إن العشاء في قوله: "كان يصلي مع النبي-صلي الله عليه وسلم- العشاء" حقيقة في المفروضة، فلا يقال: كان ينوي بها التطوع, لأن لمخالفه أن يقول: هذا لا ينافي أن ينوي بها التنفل.

وأما قول ابن حزم: إن المخالفين لا يجيزون لمن عليه فرض إذا أقيم أن يصليه متطوعًا، فكيف ينسبون إلى معاذ ما لا يجوز عندهم؟ فهذا إن كان كما قال نقض قوي.

وأسلم الأجوبة التمسك بالزيادة المتقدمة، وهو ما رواه عبد الرزاق والشافعي والطحاوي والدارقطني وغيرهم من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار عن جابر في حديث الباب زاد: "وهي له تطوع ولهم فريضة"، وهو حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، وقد صرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه، فانتفى تهمة تدليسه، فقول ابن الجوزي: إنه لا يصح مردود.

واعترض عليه الطحاوي (٢) بأن ابن عيينة قد روى هذا الحديث عن عمرو


(١) "فتح الباري" (٢/ ١٩٦).
(٢) "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>