للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ, وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ, وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ. [حم ٤/ ٢٧٦، م ٤٣٨، خزيمة ١٦٠، ق ٣/ ١٠٠، قط ١/ ٢٣٨]

===

أن القلب تابع للأعضاء، فإذا اختلفت اختلف، وإذا اختلف فسد ففسدت الأعضاء, لأنه رئيسها، قلت: القلب ملك مطاع، ورئيس متبع، والأعضاء كلها تبع له، فإذا صلح المتبوع صلح التبع، وإذا استقام الملك استقامت الرعية.

وبين ذلك الحديث المشهور: "ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد، ألا وهي القلب" (١).

فالتحقيق في هذا المقام أن بين القلب والأعضاء تعلقًا عجيبًا، وتأثيرًا غريبًا، بحيث إنه يسري مخالفة كل إلى الآخر وإن كان القلب مدار الأمر إليه، ألا ترى أن تبريد الظاهر يؤثر في الباطن، وكذا بالعكس، وهو أقوى، انتهى.

(قال) أي نعمان بن بشير: (فرأيت الرجل) أي من الصحابة المصلين بالجماعة بعد صدور ذلك القول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يلزق) أي يلصق (منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه) (٢) ولعل المراد بالإلزاق المحاذاة، فإن إلزاق الركبة بالركبة، والكعب بالكعب في الصلاة مشكل، وأما إلزاق المنكب بالمنكب فمحمول على الحقيقة.


(١) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).
(٢) زعم بعض الناس أنه على الحقيقة، وليس الأمر كذلك، بل المراد مبالغة الراوي في تعديل الصفوف وسدِّ الخلل، كما في "فتح الباري" (٢/ ١٧٦). و"العمدة" (٢/ ٢٩٤). وهذا يردّ على الذين يدَّعون العمل بالسنَّة حيث يجتهدون في إلزاق كعابهم بكعاب القائمين في الصف ويفرجون جدًا للتفريج بين قدميهم بما يؤدي إلى تكلف وتصنُّع، وقد وقعوا فيه لعدم تنبههم للغرض، لجهودهم بظاهر الألفاظ، "معارف السنن" (١/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>