عند النسائي، ونعيم بن حماد ويحيى بن يحيى عند الطحاوي، كلهم عن وكيع وقالوا فيه: فلم يرفع يديه إلَّا مرة، أو ما في معناه.
والخامس: أن البخاري وأبا حاتم نسبا الوهم فيه إلى الثوري لما رواه جماعة عن عاصم وقالوا كلهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - افتتح فرفع يديه فطبق وجعلهما بين ركبتيه، ولم يقل أحد ما روى الثوري، وكذا قال أحمد بن حنبل عن يحيى بن آدم قال: نظرت في كتاب عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كليب ليس فيه: "ثم لم يعد"، فهذا أصح, لأن الكتاب أحفظ عند أهل العلم, لأن الرجل يحدث بشيء فيكون كما في الكتاب، حدثنا الحسن بن الربيع، ثنا ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، ثنا علقمة أن عبد الله -رضي الله عنه - قال: علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة فقام فكبر ورفع يديه، ثم ركع فطبق يديه، فجعلهما بين ركبتيه، فبلغ ذلك سعدًا، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعل ذلك في أول الإِسلام، ثم أمرنا بهذا، قال البخاري: هذا المحفوظ عند أهل النظر من حديث عبد الله بن مسعود، انتهى.
والجواب عنه أولًا: أن ما رواه ابن إدريس فهو حديث آخر يدل عليه اختلاف سياقهما, وليس السياقان حديثًا واحدًا حتى يكون أحدهما محفوظًا، والثاني شاذًا.
وثانيًا: سلمنا أن السياقين حديث واحد، لكن المحفوظ هو ما رواه سفيان لأنه أحفظ من ابن إدريس، قال الحافظ في "التقريب" في ترجمة سفيان: ثقة حافظ إمام حجة، وما رواه ابن إدريس فهو الشاذ, لأنه دون سفيان في المرتبة وإن كان هو في المرتبة الأعلى، فمع كون سفيان ثقة حافظًا إمامًا حجة لا يضر مخالفة ابن إدريس له.
وثالثًا: أن هذه زيادة من الثقة على رواية ثقة آخر، والزيادة من الثقة الحافظ المتقن مقبولة.