ولا يتعجب بما قال صاحب "عون المعبود"(١)، فإنه قال بعد النقل عن الزيلعي - رحمه الله-: هذا الجواب العجب كل العجب من الإِمام جمال الدين الزيلعي أنه كيف قال هذه المقالة؟ ولو قال غيره كالطحاوي والعيني وأمثالهما لا يعجب منهم، إنما العجب منه, لأنه محدث كبير من أهل الإنصاف، ولا يخفى على من له مذاق في العلم فساد بيانه، والظاهر أنهما ليسا بحديثين بل هما حديث واحد يفسر أحدهما بالآخر، والراوي واحد، وهو جابر بن سمرة، والمتن واحد، انتهى.
لأنه مقلد محض للبخاري، وليس له حظ من علوم النبوة، ولو كان له حظ منه لم يتعجب من هذا الاستدلال، بل يأتي بالدليل على رده، ولم يقدر عليه إلَّا بأن الراوي واحد، وهذا دليل يضحك الثكلى، فإن أحدًا من أهل العلم لم يستدل بوحدة الراوي على وحدة مروياته، ولما رأى البخاري قال بهذا القول تبعه من غير أن يتدبر في لفظ الحديث، والله الموفق، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وأما قول البخاري: فلو كان كما ذهب إليه لكان رفع الأيدي في أول التكبيرة، وأيضًا تكبيرات صلاة العيد منهيًّا عنها، غير وارد، فإن رفع الأيدي عند التحريمة قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - ثبوتًا لا مرد له، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - تركه، فيخرج من هذا الحكم، ويبقى رفع اليدين الذي لم يثبت دوامه، بل يثبت تركه داخلًا فيه، وأما رفع اليدين في العيدين فمختلف فيه عند الحنفية، فإن الإِمام أبا يوسف أنكره.
وأما الحديث الخامس فلم أقف على البحث فيه إلَّا أنه قال الشيخ محمد هاشم السندي في رسالته "كشف الرين": إن الإِمام ابن دقيق العيد لم يتكلم في إسناده إلَّا بأن عباد بن الزبير تابعي ليس بصحابي، فالحديث مرسل.