للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قلت: لا نسلم أنه مشهور, لأن المشهور ما تلقاه التابعون بالقبول، وقد اختلف التابعون في هذه المسألة، ولئن سلمنا أنه مشهور فالزيادة بالخبر المشهور إنما تجوز إذا كان محكمًا، أما إذا كان محتملًا فلا، وهذا الحديث محتمل, لأن مثله يستعمل لنفي الجواز، ويستعمل لنفي الفضيلة كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لجار المسجد إلَّا في المسجد" والمراد نفي الفضيلة كذا هو.

ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} (١) معناه أنهم لا أيمان لهم موثوقًا بها , ولم ينف وجود الأيمان منهم رأسًا, لأنه قد قال: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ} (٢)، وعقب ذلك أيضًا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} (٣).

فثبت أنه لم يرد بقوله: {إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} نفي الأيمان أصلًا، وهذا يدل على إطلاق لفظة "لا"، والمراد بها نفي الفضيلة دون الأصل، كما ذكرنا من النظير.

وقال بعضهم: ولأن نفي الإجزاء أقرب إلى نفي الحقيقة، ولأنه السابق إلى الفهم فيكون أولى، ويؤيده رواية الإسماعيلي بلفظ: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب".

قلت: لا نسلم قرب نفي الإجزاء إلى نفي الحقيقة؛ لأنه محتمل لنفي الإجزاء ولنفي الفضيلة، والحمل على نفي الكمال أولى، بل يتعين لأن نفي الإجزاء يستلزم نفي الكمال، فيكون فيه نفي شيئين، فتكثر المخالفة فيتعين نفي الكمال، ودعواه التأييد بحديث الإسماعيلي وابن خزيمة لا يفيده، لأن هذا ليس


(١) سورة التوبة: الآية ١٢.
(٢) سورة التوبة: الآية ١٢.
(٣) سورة التوبة: الآية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>