للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإن قلت: أخرج البيهقي في "كتاب القراءة" (١) على ما نقله السيوطي في "جمع الجوامع": عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإِمام"، ثم قال: إسناده صحيح، والزيادة التي فيه صحيحة مشهورة من أوجه كثيرة، قلت: الحديث ضعيف وإن كان إسناده على ما زعمه البيهقي صحيحًا, لأن زيادة قوله: "خلف الإِمام" شاذة لا يتابع عليها، ويدل عليه الحديث الذي أخرجه الشيخان، وكذلك سائر طرق عبادة، وتأويل البيهقي بأنها صحيحة مشهورة من أوجه كثيرة يشير إلى ذلك، انتهى.

قلت: وعندي وجه النظر في الاستدلال بحديث عبادة أن هذا الحديث مختصر من حديث طويل أخرجه أبو داود والترمذي والبخاري في "جزء القراءة" والآخرون من حديث عبادة، ولفظه: "قال: كنا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الفجر فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم هذّا يا رسول الله، قال: لا تفعلوا إلَّا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، فاختصر الراوي هذا الحديث، وأخذ من قوله: "فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، وروى على ما فهم منه بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".

فالأصل في الحجة هذا الحديث لا الحديث المختصر، فإن مبناه على ما فهمه الراوي من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحجة في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا فيما فهمه الراوي من لفظ الحديث، ولفظ أصل الحديث لا يستدل به على ركنية فاتحة الكتاب, لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنه لا صلاة" دليل على إباحة فاتحة الكتاب للمأموم, لأن في قوله - صلى الله عليه وسلم - استثنى الفاتحة بعد نهيه عن القراءة، والاستثناء بعد النهي يفيد الإباحة، فلو كان معنى قوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بهما"، أن الصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب باطلة لناقض آخر الكلام أوله، بل معناه أن ليس حال الفاتحة مثل حال السور الآخر، فإن السور لا تقرأ


(١) (ص ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>