ركعته، فكلها وهم فيه وسقوط وتغيير بالتقديم والتأخير والزيادة والنقصان، ولعل ذكر أبي داود حديث مسدد بعد هذا إشارة إلى وهم رواية أبي كامل.
ولكن يشكل هذا بما رواه مسلم من حديث حامد بن عمر وأبي كامل عن أبي عوانة إلَّا أنهما اختلفا، فقال أبو كامل: عن أبي عوانة، وقال حامد: حدثنا أبو عوانة بهذا السند، ثم ساق الحديث، ولم يذكر الاختلاف في لفظيهما، بل ظاهر سياقه يدل على أنهما اتفقا على هذا اللفظ الذي يوافق لفظ مسدد، فكيف يمكن أن يكون سياق أبي كامل عند أبي داود على خلاف سياقه عند مسلم؟
والتقصي عن هذا الإشكال عندي صعب، اللَّهم إلَّا أن يقال: إن أبا كامل لما روى الحديث لمسلم كان حافظًا له، فروأه على وجهه، ثم بعد ذلك لما رواه لأبي داود نسيه، فرواه بالمعنى، وغلط فيه، وهذا على تقدير أن يكون الوهم مضافًا إلى أبي كامل.
ويمكن أن يكون الوهم والغلط من المصنف أبي داود كما يدل عليه قوله:"دخل حديث أحدهما في الآخر" أي لم يحفظ لفظ أحدهما من الآخر، ثم بَيَّنَ ذلك، فميَّز لفظ مسدد من لفظ أبي كامل، فاختلط عليه، ونسب لفظ مسدد إلى أبي كامل، ولفظ أبي كامل إلى مسدد، وكان هذا السياق الذي نسبه إلى أبي كامل سياق مسدد.
وصحة هذا الجواب تتوقف على أن يوجد حديث مسدد في موضع آخر على هذا السياق، ولا يكون مخالفًا له، ولكن تتبعت فما وجدت سياق مسدد عند غير أبي داود.
والأولى أن يقال: إن هذا إن كان غلطًا وتصحيفًا فليس هذا من أبي كامل ولا من المصنف، بل هذا تصحيف نشأ من الناسخ، وتصحيف النساخ أكثر من هذا وأقبح، والله تعالى أعلم.