للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ،

===

المراجعة كرة بعد أخرى؟ قلنا: لأن الرجل لما لم يستكشف الحال مغترًا بما عنده سكت عن تعليمه زجرًا له، وإرشادًا إلى أنه ينبغي له أن يستكشف ما استبهم عليه، فلما طلب كشف الحال بَيَّنَه بحسن المقال.

واستشكل تقريره عليه السلام على صلاته وهي فاسدة ثلاث مرات على القول بأن النفي للصحة.

وأجيب بأنه أراد استدراجه بفعل ماجهله مرات لاحتمال أن يكون فعله ناسيًا أو غافلًا فيتذكر، فيفعله من غير تعليم، فليس من باب التقرير على الخطأ، بل من باب تحقق الخطأ، أو بأنه لم يعلمه أولًا ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره، ولتفخيم الأمر وتعظيمه عليه.

(قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا قمت) أي أردت القيام (إلى الصلاة فكبر) للتحريمة (ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن)، وفي الحديث كما في الآية: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (١)، دليل على أن قراءة الفاتحة ليست بركن، وما دون الآية غير مراد إجماعًا، فتبقى الآية، وبه أخذ أبو حنيفة.

وفي "شرح السنَّة" (٢): أراد بما تيسر معك من الفاتحة إذا كان يحسنها ببيان الرسول - صلى الله عليه وسلم - كقوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٣)، والمراد الشاة ببيان السنَّة، وفيه دليل على وجوب القراءة في الركعات كلها كما يجب الركوع والسجود، ذكره الطيبي، وفيه أبحاث محلها كتب الفقه وأصوله.

ومن جملتها أنه عليه السلام صرَّح بأن المراد بالهدي الشاة، ولم يرو عنه أنه قال: المراد بما تيسر هو الفاتحة، ومن ادَّعى فعليه البيان، وأما ما ورد في رواية صحَّحها أحمد والبيهقي وابن حبان من قوله عليه السلام: "ثم قرأ


(١) سورة المزمل: الآية ٢٠.
(٢) وقال ابن رسلان: أو يؤول بأنه في العاجز عن الفاتحة. (ش).
(٣) سورة البقرة: الآية ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>