للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلَّا ظلاًّ ممدودًا لهذه الشجرة الطيبة المباركة- بل هو فلذة كبده وقطعة نفسه، وأحبُّ أعماله إليه كما سيقرأ القارئ في السطور الآتية.

فأصبح خروج هذا الكتاب في الثوب القشيب والمظهر الجديد أعَزَّ أمانيه وأكبر آماله، يتلذَّذ بالحديث عنه ويتسلَّى بالتفكير فيه، وقد طابت له الحياة، وهانت عليه المحن والخطوب في سبيل نشر هذا الأثر العلمي العظيم، وتذكار شيخه الأثير الحبيب، وانتظار خروجه واكتماله.

ومن دواعي الغبطة والسرور لكاتب هذه السطور أن يكون له نصيب في هذا العمل، وأن يكون عاملًا صغيرًا في تحقيق هذه الأمنية العزيزة وإظهار هذه المأثرة الخالدة.

وكلمة وجيزة عن مكانة "سنن أبي داود" ومنزلته من بين دواوين السنَّة ومجاميع الحديث، وإن كان هذا الموضوع قد استوفي في كتب أصول الحديث، ومقدمات علم الحديث، وتاريخ تدوين السنَّة، ولم يترك الأول للآخِر شيئًا، ولا يجاوز عمل كاتب مثلي إعادة ما قيل، وإجمال ما فُصِّل، ووقفة قصيرة عند شروح هذا الكتاب وتعليقاته، ونظرة إجمالية في هذا الشرح، ومكانته من بين الشروح، والثغرة التي يسدها, ولماذا احتاج المؤلف إلى وضعه؟ ومدى ارتباط المؤلف بهذا الكتاب وتفانيه فيه، وتعلقه به، ومدى نجاحه في هذا العمل، وكيف تم تأليف هذا الكتاب، وما هو سهم تلميذ المؤلف النابغة في تأليفه؟ وما فضله وتأثيره في حياته ونجاحه ونبوغه؟ فلكل ذلك قصة ممتعة مفيدة، فيها عبرة لمن اعتبر، ودروس مفيدة لتلاميذ المدارس النجباء، وروّاد العلم الأذكياء، وأولي الهمم من المؤلفين والعلماء {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (١٧٦)} (١).

أما "سنن أبي داود" فهو من كتب الحديث التي تلقتها الأمة بالقبول، وتلقاها علماء الصناعة وأئمة الفن بالاعتناء التام، وعليه المعوَّل والاعتماد


(١) سورة الأعراف: الآية ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>