للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ،

===

على أن آدم عليه السلام لم يخلق في الجنة، بل خلق خارجها، ثم أدخل إليها.

(وفيه أهبط) منها، وفي رواية "مسلم": "وفيه أخرج منها"، أي أنزل من الجنة إلى الأرض لعدم تعظيمه يوم الجمعة، لما وقع له من الزلَّة ليتداركه بعد النزول في الطاعة والعبادة، فيرتقي أعلى درجات الجنة، وليعلم قدر النعمة، لأن المنحة تتبين عند المحنة، قاله الشوكاني.

وحكى النووي (١) عن القاضي عياض: الظاهر أن هذه القضايا المعدودة ليست لذكر فضيلته, لأن إخراج آدم وقيام الساعة لا يعد فضيلة، وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام، وما سيقع ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة الله، ودفع نقمته، هذا كلام القاضي.

وقال أبو بكر بن العربي في كتابه "الأحوذي في شرح الترمذي" (٢): الجميع من الفضائل، وخروج آدم من الجنة هو سبب وجود الذرية، وهذا النسل العظيم، ووجود الرسل والأنبياء والصالحين والأولياء. ولم يخرج منها طردًا بل لقضاء أوطار، ثم يعود إليها، وأما قيام الساعة فسبب لتعجيل جزاء الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم، وإظهار كرامتهم وشرفهم، انتهى.

(وفيه تيب عليه) هو ماض مجهول من تاب، أي وفق للتوبة، وقبلت التوبة منه، وهي أعظم المنة عليه، قال الله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (٣).

(وفيه) أي في يوم الجمعة (مات) و"الموت تحفة المؤمن"، كما ورد


(١) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٣/ ٤٠٥).
(٢) "عارضة الأحوذي" (٢/ ٢٧٥).
(٣) سورة طه: الآية ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>