للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُسِيخَةٌ (١)

===

عن ابن عمر موقوفًا، رواه الحاكم والبيهقي وغيرهما (٢)، قال القاضي: لا شك أن خلق آدم فيه شرفٌ، وكذا وفاته، فإنه سبب لوصوله إلى الجناب الأقدس، والخلاص عن النكبات.

(وفيه تقوم الساعه) وفيها نعمتان عظيمتان للمؤمنين، وصولهم إلى النعيم المقيم، وحصول أعدائهم في عذاب الجحيم.

(وما من دابة) زيادة "من" لإفادة الاستغراق في النفي (إلَّا وهي مسيخة) رُوِيَ بالسين والصاد، وهما لغتان أي: مُصْغِيَةٌ مُسْتَمِعَةٌ، كقول الشاعر:

أَصَاخَتْ إِلَى الوَاشِي فَلَجَّ بِهَا الهَجْرُ

قال القاري (٣): ووجه إصاخة كل دابة وهي مما لا يعقل، هو أن الله تعالى يجعلها ملهمة بذلك مستشعرة عنده، فلا عجب في ذلك من قدرة الله تعالى، ولعل الحكمة في الإخفاء عن الجن والإنس أنهم لو كُوشِفُوا بشيء من ذلك اختلت قاعدة الابتلاء والتكليف وحق القول عليهم، ذكره الطيبي (٤)، وتبعه ابن حجر، وفيه: أنهم لو أُلْهِمُوا بما أُلْهِمَت الدواب، وانتظروا وقوع القيامة لا يلزم منه اختلال قاعدة التكليف ولا وقوع القيامة، فتدبر.


(١) وفي نسخة: "مصيخة".
(٢) قلت: حديث "تحفة المؤمن الموت" رواه ابن المبارك في "الزهد" رقم (٥٩٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (٨/ ١٨٥)، والبيهقي في "الشعب" (٩٨٩٤)، والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٣١٩)، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا، وضعف إسناده الذهبي، وقواه المنذري في "الترغيب والترهيب" (٤/ ٣٣٥)، وكذلك ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٣٨٩٧)، عن عبد الله بن عمرو، وعزاه إلى الطبراني في "الكبير". ولكن لم أقف على من أخرجه عن ابن عمر موقوفًا، والله أعلم بالصواب.
(٣) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٤٤٩).
(٤) انظر: "شرح الطيبي" (٣/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>