للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

موضعها، واستدل لذلك بقوله: "إذ لم تعتبره الآية"، وأنت تعلم أن الآية قد قيد الأمر بالسعي فيها بالنداء؛ لما تقرر- عند أئمة البيان - من أن الشرط قيد لحكم الجزاء، والنداء المذكور فيها يستوي فيه من في المصر الذي تقام فيه الجمعة، ومن خارجه، نعم إن صح الإجماع، كان هو الدليل على عدم اعتبار سماع النداء لمن في موضع إقامة الجمعة عند من قال بحجية الإجماع، وقد حكى العراقي في "شرح الترمذي" عن الشافعي، ومالك، وأحمد بن حنبل؛ أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر، وإن لم يسمعوا النداء، انتهى.

وقال العيني في "شرح البخاري" (١): اختلف العلماء في وجوب الجمعة على من كان خارج المصر، فقال طائفة (٢): تجب على من آواه الليل إلى أهله، روي ذلك عن أبي هريرة وأنس وابن عمر ومعاوية، وهو قول نافع والحسن وعكرمة والحكم والنخعي وأبي عبد الرحمن السلمي وعطاء والأوزاعي وأبي ثور لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله"، رواه الترمذي والبيهقي (٣) وضعفاه، ونقل عن أحمد أنه لم يره شيئًا، ومعنى هذا الحديث أنه إذا جمع مع الإِمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار قبل دخول الليل.

قلت: واستشكل هذا المعنى الحافظ في "الفتح" (٤) بأنه يلزم منه أنه يجب السعي من أول النهار وهو بخلاف الآية، انتهى.

قلت: ويحتمل أن يكون معنى "على من آواه الليل إلى أهله" أن الجمعة


(١) "عمدة القاري" (٥/ ٥٥).
(٢) وحكي ذلك عن جماعة من الحنفية، كما في "الشامي"، [انظر: "رد المحتار" (٣/ ٣٠)]. (ش).
(٣) "سنن الترمذي" (٥٠٢)، "السنن الكبرى" (٣/ ١٧٦).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>