للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حرَجَ ,

===

(من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج) (١) يدل على استحباب الإيتار في الأمور. (ومن استجمر) أي استنجى بحجر، فعلى هذا فالاستجمار التمسح بالجمار (٢) وهي الأحجار الصغار، أو المراد بالاستجمار (٣) التبخر، كما يكون في الأكفان، (فليوتر) بواحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع. (من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج) (٤)، وهذا يدل دلالة واضحة على جواز الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار وعدم شرط الإيتار، وهو مذهب أبي حنيفة - رضي الله عنه -.

قلت: هذا يدل على أن الإيتار أمر مندوب إليه، وهذا أمر متفق عليه، ولا يدل على وجوب التثليث بل يدل على عدم وجوبه، فإنه إذا استنجى بحجر واحد يكون ممتثلًا بهذا الحديث قطعًا، وكذلك الجزء الثاني يدل على أن من ترك الاستنجاء بالوتر، سواء كان واحدًا أو ثلاثة، واستنجى بحجرين، فلا حرج فيه، فلو كان التثليث واجبًا لا يصح أن يقال: "لا حرج" في تركه.

ثم نقول: ما المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليوتر"؟ إما الإيتار بواحد أو ثلاثة


(١) بسط ابن رسلان الكلام على إعرابه. (ش).
(٢) ومنه تسمى الجمرة للموضع المرمى بالحجارة. "ابن رسلان". (ش).
(٣) قال ابن رسلان: وكان مالك -رضي الله عنه - يقوله أولًا ثم رجع عنه، حكاه ابن عبد البر عنه، وشرحه ابن رسلان ببخور الميت وقال: لا يجوز حمله على الاستجمار بالحجارة. (ش).
(٤) فيه عدم وجوب الإيتار بالثلاث من وجهين: الأول لقوله: من فعل فقد أحسن ... إلخ، والثاني: لأن عموم الإيتار يشمل الواحد. اهـ. قلت: وهذا الثاني لا تساعده الروايات. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>