للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ"

===

من العيد وغيره، وفيه أن ذلك ليس من شيم المتقين، لولا تعظيم الجمعة ومراعاة شعائر الإِسلام.

(سوى ثوبي مهنته) بفتح الميم ويكسر، أي: بذلته وخدمته، أي غير الثوبين اللذين معه في سائر الأيام، قال في "القاموس" (١): المهنة: بالكسر والفتح والتحريك، وككلمة، الحِذْقُ بالخدمة والعمل، مَهَنَهُ كَمَنَعَهُ ونَصَرَهُ مَهْنًا، وَمهنَةً، ويُكْسَرُ: خَدَمَهُ، انتهى ما قاله القاري.

وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه في شرح هذا الحديث: هذا مثل قوله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (٢) أورده في صورة نفي الإثم والحرج ردًا لما اعتقدوا من الإثم فيه، فكذلك ههنا لما كان ظاهر ذلك الفعل يوهم تصنعًا ومراءاة بلبس ما لا يلبسه إذا تخلى من الناس، أو كونه صنيع المتكبرة والمتنعمَة دفع ذلك برفع الحرج عن ذلك، والقصد استحبابه، ويمكن أن يكون هذا إباحة ورخصة فحسب، وإنما يثبت استحباب هذا الفعل بنص آخر، وهذا إذا حملت كلمة "ما" على النفي، ولا يبعد أن تكون للاستفهام، ومثل هذا الكلام في الإغراء والتحضيض على الفعل بحسب تحاورهم فيما بينهم، وإن كان الاستفهام ههنا للإنكار أيضًا كقوله:

ماذا عليك إذا خبرتني دنفًا ... رهن المنية يومًا أن تزور بنا

أو كقوله عزَّ من قائل: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ} (٣) بل الأوفق في التمثيل.

ما كان ضرك لو مننت وربما ... منَّ الفتى وهو المغيظ المحنق

فافهم، انتهى.


(١) "القاموس المحيط" (٤/ ٣٨٧).
(٢) سورة البقرة: الآية ١٥٨.
(٣) سورة النساء: الآية ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>