للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَجَدْتُ في كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ:

===

(قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه) أي هذا الحديث المكتوب، قال البيهقي في "سننه": كذا رواه أبو داود عن علي بن المديني، وهو الصحيح، وقد أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر (١) بن محمد بن حمدان الصيرفي [بمرو]، أنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، [ثنا علي بن المديني]، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، فذكره، قال البيهقي: ولا أظنه إلَّا واهمًا في ذكر سماع معاذ عن أبيه، هو أو شيخه، فأما إسماعيل القاضي فهو أجل من ذلك.

وهذا الطريق من أنواع التحمل، يقال له في اصطلاح المحدثين: وجادة، وهو أن يقف على أحاديث بخط راويها غير المعاصر له، أو المعاصر ولم يلقه، أو لقيه ولم يسمع منه، أو سمعه ولكن لا يرويها أي تلك الأحاديث الخاصة الواجد عنه بسماع ولا إجازة، فله أن يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان، وأما العمل بالوجادة، فنقل عن معظم المحدثين والفقهاء المالكيين وغيرهم أنه لا يجوز، وعن الشافعي ونظار أصحابه جوازه، وقطع بعض المحققين الشافعيين بوجوب العمل بها عند حصول الثقة به، وهذا هو الصحيح الذي لا يتجه في هذه الأزمان غيره.

قال ابن الصلاح (٢): فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لانسَدَّ باب العمل بالمنقول لتعذر شروطها، [قال البلقيني]: واحتج بعضهم للعمل بالوجادة بحديث: أي الخلق أعجب إيمانًا؟ قالوا: الملائكة، قال: وكيف لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ قالوا: الأنبياء، قال: وكيف لا يؤمنون وهم يأتيهم الوحي؟ قالوا: نحن، فقال: وكيف لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ قالوا: فمن يا رسول الله؟ قال: قوم يأتون من بعدكم، يجدون صحفًا يؤمنون بما فيها، قال البلقيني: وهذا استنباط حسن، والحديث رواه الحسن بن عرفة في "جزئه"


(١) كذا في الأصل، وفي "السنن الكبرى" (٣/ ٢٣٨) للبيهقي: أبنا بكر بن محمد ... إلخ.
(٢) انظر: "مقدمة ابن الصلاح" (ص ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>