للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَمْطَرَتْ بِإِذْنِ اللَّهِ, فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى سَالَتِ السُّيُولُ, فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الْكِنِّ ضَحِكَ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ, فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ, وَأَنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ». [ق ٣/ ٣٤٩، ك ١/ ٣٢٨]

===

والبرق (ثم أمطرت بإذن الله) بالألف، وهو دليل للمذهب المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من أهل اللغة أن مطرت وأمطرت لغتان في المطر، (فلم يأت) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المحل الذي استسقى فيه من الصحراء (مسجده حتى سالت السيول) من جميع الجوانب.

(فلما رأى سرعتهم) أي سرعة مشيهم والتجائهم (إلى الكن) بكسر الكاف وتشديد النون، وهو ما يرد به الحر والبرد من المساكن (ضحك - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجده) أي آخر ضراسه، وكان ضحكه تعجبًا من طلبهم المطر اضطرارًا، ثم طلبهم الكن عنه فرارًا، ومن عظيم قدرة الله تعالى وإظهار قربة رسوله وصدقه بإجابة دعائه سريعًا، ولصدقه أتى بالشهادتين (فقال: أشهد أن الله على كل شيء قدير، وإني عبد الله ورسوله).

قال القاري (١): قال ابن الهمام (٢): وذلك الكلام السابق هو المراد بالخطبة كما قاله بعضهم، ولعل الإِمام أحمد أعله بهذه الغرابة أو بالاضطراب، فإن الخطبة (٣) فيه مذكورة قبل الصلاة، وفيما تقدم من حديث أبي هريرة بعدها، وهذا إنما يتم إذا تم استبعاد أن الاستسقاء وقع حال حياته بالمدينة أكثر


(١) "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٦١٨).
(٢) "فتح القدير" (٢/ ٩٥).
(٣) اختلفوا في الجمع بينهما، ومختار الأئمة الذين قالوا بالصلاة فيها أنها تقدم على الخطبة، فقيل: رواية أبي داود هذه شاذة، وفي "البداية" عكسه، فقال: من ذكر الخطبة ذكر في علمي قبل الصلاة، وقال الطحاوي: رأيت خطبة الاستسقاء أشبه بالعيد، وجمع الحافظ بأنه دعا أولًا، ثم صلَّى ثم خطب، فذكر كل راو أحدهما، كذا في "الأوجز" (٤/ ١٤٠ - ١٤١). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>