للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فهذا يدل على أن القصر كان واجبًا عندهم، وإلَّا فلو كان القصر مباحًا لما أنكروا عليه، ولما احتاج عثمان عن الإنكار إلى الاعتذار بالتأويلات، وبهذا ثبت وجوب القصر بإجماع الصحابة من غير خلاف أحد.

قال الحافظ في "الفتح" (١): واحتج الشافعي على عدم وجوب القصر بأن المسافر إذا دخل في صلاة المقيم صلَّى أربعًا باتفاقهم، ولو كان فرضه القصر لم يأتم مسافر بمقيم، وأجاب عنه العيني (٢) فقال: والجواب عن هذا: أن صلاة المسافر كان أربعًا عند اقتدائه بالمقيم لالتزامه المتابعة فيتغير فرضه للتبعية.

وقال في "الهداية" (٣): وإن اقتدى المسافر بالمقيم في الوقت أتم أربعًا، لأنه يتغير فرضه إلى أربع للتبعية، كما يتغير بنية الإقامة لاتصال المغير بالسبب وهو الوقت، واستدل على عدم وجوب القصر بما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عمرة في رمضان: "فأَفْطَرَ وصُمْتُ، وقَصَرَ وأَتْمَمْتُ، فقلت: بأبي وأمي أَفْطَرْتَ وصُمتُ، وقَصَرْتَ وأَتْمَمْتُ، فقال: أحسنتِ يا عائشة"، رواه الدارقطني، وقال: هذا إسناد حسن.

وعن عائشة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم" رواه الدارقطني، وقال: إسناد صحيح (٤).

قال الشوكاني (٥): الحديث الأول أخرجه أيضًا النسائي والبيهقي (٦) بزيادة، ثم قال: واعترض عليه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد


(١) "فتح الباري" (٢/ ٥٦٥).
(٢) "عمدة القاري" (٥/ ٣٨١).
(٣) "الهداية" (١/ ٨١).
(٤) انظر: "سنن الدارقطني" (٢/ ١٨٧ - ١٨٨).
(٥) انظر: "نيل الأوطار" (٢/ ٤٧٤).
(٦) انظر: "سنن النسائي" (١٤٥٦)، و"السنن الكبرى" (٣/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>