للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثِينِي عَنْ قِيَامِ (١) اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرأُ القُرآن {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ أَوَّلَ هَذِهِ السُّورَةِ نَزَلَتْ، فَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَحُبِسَ خَاتِمَتُهَا في السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشْرَ شَهْرًا، ثُمَّ نَزَلَ آخِرُهَا، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ،

===

والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته، قلت: وفيه إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (٢).

(قال) سعد: (قلت: حدثيني عن قيام الليل؟ قالت: ألست تقرأ القرآن {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قال: قلت: بلى، قالت: فإن أول هذه السورة نزلت) أي أول آيات هذه السورة التي فيها حكم وجوب قيام الليل نزلت (فقام) نبي الله - صلى الله عليه وسلم - و (أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي في الصلاة في الليل (حتى انتفخت) أي تورمت (أقدامهم) من طول قيامهم في الصلاة (وحبس خاتمتها) أي الآيات التي في آخر السورة فيها نسخ الوجوب (في السماء اثني عشر شهرًا) أي لم ينزل سنة كاملة (ثم نزل آخرها) الناسخ لفرضية القيام (فصار قيام الليل تطوعًا) أي نفلًا (بعد فريضة) أي بعد كونه فريضة.

قال النووي (٣): هذا ظاهره أنه صار تطوعًا في حق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمة، فأما الأمة فهو تطوع في حقهم بالإجماع، وأما النبي - صلى الله عليه وسلم - فاختلفوا في نسخه في حقه، والأصح عندنا نسخه، وأما ما حكاه القاضي عياض عن بعض السلف أنه يجب على الأمة من قيام الليل ما يقع عليه الاسم، ولو قدر حلب شاة، فغلط ومردود بإجماع من قبله مع النصوص الصحيحة أنه لا واجب إلا الصلوات الخمس.


(١) زاد في نسخة: "رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
(٢) سورة القلم: الآية ٤.
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>